الأمر الثاني : دلالة مرفوعة زرارة ومقبولة عمر بن حنظلة على ذلك ، ففي الاولى :
(قال زرارة : قلت : جعلت فداك ، يأتي عنكم الخبران والحديثان المتعارضان ، فبأيّهما نعمل؟ قال : (خذ بما أشتهر بين أصحابك ، ودع الشّاذّ النادر) ، فقلت : يا سيّدي إنّهما معا مشهوران مأثوران عنكم ، قال : (خذ بما يقوله أعدلهما) (١) الخبر.
بناء على أنّ المراد بالموصول مطلق المشهور ، رواية كان أو فتوى ، أو أنّ إناطة الحكم بالاشتهار تدلّ على اعتبار الشهرة في نفسها وإن لم تكن في الرواية.
____________________________________
أمّا في جانب الفرع فهو واضح ، وأمّا في جانب الأصل فيمكن أن يكون الحكم مستفادا من الإجماع أو السيرة مثلا فكيف يسمّى ما لا يكون الحكم فيه مستفادا من اللفظ بما يكون الحكم فيه مستفادا من اللفظ؟ هذا تمام الكلام في الأمر الأول الذي يكون منشأ لتوهم حجّية الشهرة.
ثمّ أشار إلى الأمر الثاني الذي يكون منشأ لتوهّم حجّيتها بقوله :
(الأمر الثاني : دلالة مرفوعة زرارة ومقبولة عمر بن حنظلة على ذلك) أي : حجّية الشهرة في الفتوى فلا بدّ من ذكر كل واحدة منهما ، ثم تقريب دلالة كل واحدة منهما على حجّية الشهرة في المقام.
ففي الاولى وهي المرفوعة (قال زرارة : قلت : جعلت فداك ، يأتي عنكم الخبران والحديثان المتعارضان ، فبأيّهما نعمل؟ قال عليهالسلام خذ بما اشتهر بين أصحابك ... إلى آخره).
وتقريب الاستدلال يتضح بعد تقديم مقدمة وهي : أنّ المراد بالموصول وهو (ما) في قوله : (خذ بما اشتهر) هو مطلق المشهور سواء كان في الرواية كما هو مورد الرواية أو في الفتوى فلازم هذا التعميم في الموصول هو وجوب الأخذ بكل شيء مشهور.
أو نقول بالتعميم في صلة الموصول وهي كلمة (اشتهر) ، فان الحكم بوجوب الأخذ والترجيح يكون منوطا بالاشتهار مع قطع النظر عن كونه في الرواية أو الفتوى.
فإذا عرفت هذه المقدمة يتضح لك أنّ الاستدلال بالمرفوعة يمكن بأحد وجهين :
الوجه الأول : من جهة تعميم الموصول ، ولازمه هو وجوب الأخذ بكل مشهور ومنه
__________________
(١) غوالي اللآلئ ٤ : ١٣٣ / ٢٢٩.