ولكن في الاستدلال بالروايتين ما لا يخفى من الوهن :
أمّا الاولى : فيرد عليها ـ مضافا إلى ضعفها ، حتى أنّه ردّها من ليس دأبه الخدشة في سند الروايات ، كالمحدّث البحرانيّ ـ أن المراد بالموصول هو خصوص الرواية المشهورة من الروايتين دون مطلق الحكم المشهور ، ألا ترى أنّك لو سألت عن أنّ أيّ المسجدين أحبّ إليك؟ ، فقلت ما كان الاجتماع فيه أكثر ، لم يحسن للمخاطب أن ينسب إليك محبوبيّة كلّ مكان يكون الاجتماع فيه أكثر ، بيتا كان أو خانا أو سوقا ، وكذا لو أجبت عن سؤال المرجّح
____________________________________
المجمع عليه الحقيقي ؛ لأنّ مقابله ممّا لا ريب في بطلانه أصلا ، إذا الإجماع يكون مقطوع الصحة فيكون مقابله مقطوع البطلان.
ويؤيّد ذلك قوله : (وإنّما الامور ثلاثة : أمر بيّن رشده) كالخبر والحكم المجمع عليهما مثلا(فيتّبع) ويجب الأخذ به (وأمر بيّن غيّه فيجتنب) ويجب تركه ، كالخبر والحكم المخالفين للإجماع مثلا (وأمر مشكل) كالخبر الشاذّ مثلا (فيردّ حكمه إلى الله ورسوله) فيكون الشاذّ من الأمر المشكل لا من الأمر البيّن غيّه وبطلانه ليكون مقابلا للإجماع الحقيقيّ ، بل يكون مقابلا للمشهور ، فيجعل الشاذّ مقابلا للمجمع عليه مع أنّه أمر مشكل ، لا الباطل المعلوم يكون دليلا على أنّ المراد من المجمع عليه في الموضوعين هو المشهور.
فيكون معنى الرواية ـ حينئذ ـ مع ملاحظة التعليل هو وجوب الأخذ بالمشهور مطلقا سواء كان في الرواية أو في الفتوى ؛ لأنّ التعليل عامّ شامل للشهرة في الفتوى أيضا ، وإن كان حكم الإمام عليهالسلام بوجوب الأخذ والترجيح في خصوص الرواية المشهورة ، إذ الحكم يكون تابعا لعلّته سعة وضيقا ، فلا بدّ من الأخذ بعموم العلّة لا بخصوص المورد.
وبالجملة ، إنّ المتحصّل من الجميع هو اعتبار الشهرة من حيث هي هي ، من دون فرق بين كونها في الرواية أو الفتوى.
هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الاستدلال بالمقبولة على حجّية الشهرة في الفتوى.
(ولكن في الاستدلال بالروايتين ما لا يخفى من الوهن) أمّا الرواية الاولى فهي مردودة سندا ودلالة ، أمّا كونها مردودة سندا ؛ فلأنّها ضعيفة من حيث السند ، حتى ردّها من ليس