خبر الواحد
ومن جملة الظنون الخارجة بالخصوص عن أصالة حرمة العمل بغير العلم : خبر الواحد في الجملة عند المشهور ، بل كاد أن يكون إجماعا.
____________________________________
(ومن جملة الظنون الخارجة بالخصوص عن أصالة حرمة العمل بغير العلم : خبر الواحد في الجملة عند المشهور) وقبل الدخول في البحث لا بدّ من تحرير محل النزاع ، وهو يتضح بعد تقديم امور :
منها : إنّ المراد من خبر الواحد هو ما يكون مقابلا للمتواتر ، أعني : ما لا يفيد العلم بالمخبر به ذاتا ، ولا يكون مقطوع الصدور ، ثم المتواتر ما يفيد العلم بالمخبر به ذاتا من جهة كثرة المخبرين ، فيكون مقطوع الصدور ، وخبر الواحد بهذا المعنى يشمل المستفيض ، ثم الواحد يكون وصفا للراوي يعني : خبر الواحد ، أي : ما يكون راويه الواحد ، فتعريف الخبر بالألف واللام ، بأن يقال : الخبر الواحد المشعر بكون الواحد صفة للخبر يكون غلطا ؛ لأنّ الخبر الواحد ـ حينئذ ـ يكون في مقابل الاثنين ، أو الأزيد منه ، لا في مقابل المتواتر الذي يكون راويه الكثير بحيث يحصل العلم بالمخبر به من الكثرة ، فالحاصل أنّ المراد من خبر الواحد هو مقابل المتواتر ، فخرج بقوله : (خبر الواحد) المتواتر.
ومنها : إنّ ما هو الخارج عن الأصل ـ وهو حرمة العمل بالظن ـ هو خبر الواحد في الجملة ، أعني على نحو موجبة جزئية ، لا على نحو موجبة كلّية ، كما أشار إليه بقوله : (في الجملة) ، فالخارج عن الأصل هو صنف خاص ، وهو خبر العادل على قول ، وخبر الثقة على قول آخر ، وكل خبر ظنّ بصدوره على قول ثالث ، وهكذا على اختلاف فيه.
ومنها : إنّ البحث عن حجّية خبر الواحد يكون من أهمّ المسائل الاصولية ، إذ غالب الأحكام وأجزاء العبادات وشرائطها إنّما يثبت بأخبار الآحاد ، ثمّ إنّ دخول هذا البحث ـ في المسائل الاصولية ـ على قول من لم يحصر موضوع علم الاصول بالأدلة الأربعة كصاحب الكفاية رحمهالله واضح ، وأمّا على القول بانحصار الموضوع في الأربعة ، كما ذهب إليه جماعة ومنهم المصنّف رحمهالله ، فيشكل في كون البحث عن حجّية خبر الواحد من المسائل