ومن هنا يظهر أنّ التجرّي على الحرام في المكروهات الواقعيّة أشدّ منه في مباحاتها ، وهو فيها أشدّ منه في مندوباتها ، ويختلف باختلافها ضعفا وشدّة كالمكروهات ، ويمكن أن يراعى في الواجبات الواقعيّة ما هو الأقوى من جهاته وجهات التجرّي» انتهى كلامه رفع مقامه.
أقول : يرد عليه :
____________________________________
حسنا ، هذا هو معنى الوجه والاعتبار.
ويمكن أن يكون مراد صاحب الفصول من الوجوه والاعتبارات ما ليس ذاتيا فيشمل ما يقتضي الحسن أو القبح ، فحينئذ لو كان مراده قدسسره أنّ قبح التجرّي ليس ذاتيا كالظلم بل يكون مقتضيا له كالكذب أو لا يقتضي القبح أصلا لكان ما ذكره صحيحا ، وإنّما الكلام في الصغرى ، فعلى فرض كون قبح التجرّي بالوجه والاعتبار يختلف الفعل المتجرّى به قبحا وحسنا شدّة وضعفا.
(ومن هنا) يعني : من ارتفاع قبح التجرّي من جهة معارضة الجهة الواقعية للجهة الظاهرية (يظهر أنّ التجري على الحرام في) مورد(المكروهات الواقعية أشدّ منه) أي : من التجرّي (في مباحاتها) الواقعية لتأكّد قبح التجرّي بما في المكروه الواقعي ، (وهو فيها) أي : في المباحات الواقعية (أشدّ منه في مندوباتها) لعدم تأكّد التجرّي بما في المباح الواقعي ، بخلاف مورد المندوبات الواقعية لضعف قبح التجرّي بما في المندوب الواقعي من المصلحة ، ثم يختلف التجرّي (باختلافها) أي : المندوبات ضعفا وشدّة ، فيكون قبحه ضعيفا في المندوب المؤكّد ، وشديدا في مورد غير المؤكّد ، وكذلك في المكروهات ، كما هو واضح.
وأما الواجبات فيراعى ما هو الأقوى من مصلحتها ومفسدة التجرّي ، وهذا يختلف باختلاف مراتب المحرمات والواجبات ، هذا فيما إذا اعتقد حرمة ما هو غير محرم في الواقع ، وأما إذا اعتقد وجوب ما هو غير محرم واقعا تنعكس سلسلة الأشدّية ، فيكون التجرّي على ترك الواجب في المندوبات الواقعية أشدّ منه في مباحاتها ، وهو فيها أشدّ منه في مكروهاتها.
(أقول : يرد عليه : أولا ... إلى آخره).