مقدمة
بسم الله الرّحمن الرّحيم
فاعلم أنّ المكلّف إذا التفت إلى حكم شرعي ؛ فإمّا أن يحصل له الشّكّ فيه ، أو القطع ، أو الظنّ ، فإن حصل له الشك.
____________________________________
(فاعلم أنّ المكلّف إذا التفت إلى حكم شرعي).
لا بد أن نبح ث عن امور :
الأمر الأول : ما هو المراد من الألفاظ المفردة المذكورة في كلام المصنّف رحمهالله؟ وهي : المكلّف ، ثم الالتفات ، ثم الحكم.
فنبدأ من المكلّف ونقول : إنّ المراد منه هو المكلّف الواقعي ، يعني من وضع عليه قلم التكليف ، وهو من جمع الشرائط العامة كالبلوغ ، والعقل ، والقدرة ، فيكون الالتفات قيدا احترازيا ، يخرج به الغافل.
نعم ، لو كان المراد منه المكلّف الفعلي أعني : البالغ العاقل القادر الملتفت كان قيد الالتفات حينئذ لغوا ، إلّا أن يقال : إن الالتفات يكون سببا لتحقق العناوين المذكورة أعني : القطع والظن والشك ، فإنها لا تتحقق إلّا به ، إذ لا يعقل القطع بحكم أو الظن به أو احتماله للغافل ، فلا يكون لغوا ، إذ فائدته تحقّق هذه العناوين. ومن هنا ظهر ما هو المراد من الالتفات إذ المراد منه : توجّه المكلّف إلى الحكم الشرعي في مقابل غفلته عنه.
وبقي الكلام فيما هو المراد من الحكم ، والظاهر أن المراد منه هو الحكم الفعلي فقط ، إذ لا يجب امتثال ما لم يبلغ مرتبة الفعليّة من الحكم الاقتضائي والإنشائي مع القطع فضلا عن الظن أو الشك فما يترتّب عليه الأثر من وجوب الامتثال عند العلم به والرجوع إلى الاصول عند الشك هو الحكم الفعلي.