وجرأته وسوء سريرته ، وإنّما الكلام في تحقّق العصيان بالفعل المتحقّق في ضمنه التجرّي ، وعليك بالتأمّل في كلّ من الأقسام.
قال الشهيد رحمهالله ، في القواعد : «لا تؤثّر نيّة المعصية عقابا ولا ذمّا ما لم يتلبّس بها ، وهو ممّا ثبت في الأخبار العفو عنه ، ولو نوى المعصية وتلبّس بما يراه معصية فظهر خلافها ، ففي تأثير هذه النيّة نظر ، من أنّها لمّا لم تصادف المعصية صارت كنيّة مجرّدة وهي غير مؤاخذ بها ، ومن دلالتها على انتهاك الحرمة وجرأته على المعاصي.
وقد ذكر بعض الأصحاب أنّه لو شرب المباح تشبّها بشرب المسكر فعل حراما ، ولعلّه
____________________________________
(إنّما الكلام في تحقّق العصيان بالفعل المتحقّق في ضمنه التجرّي).
سواء في ذلك مجرّد النية ، أو هي مع بعض مقدمات الفعل ، أو نفس الفعل كما يظهر ممّا مرّ.
قوله : (عليك بالتأمّل) يعني : بالتأمّل في الأقسام الستة يظهر حكم كل واحد منها ، فيظهر حكم القسم الأول ، وهو مجرد القصد إلى المعصية من قوله رحمهالله حيث قال : نعم ، لو كان التجرّي على المعصية بالقصد إلى المعصية فالمصرّح به في الأخبار الكثيرة العفو عنه.
وكذلك يظهر حكم القسم الثاني من الجمع بين الأخبار ، فمقتضى الجمع بينهما هو حرمة القسم الثاني ، ولكن لم يظهر من المصنّف رحمهالله اختيار شيء من طرفي الجمع بين الأخبار ، بل كان ظاهره ترجيح أخبار العفو مطلقا ، فحكم هذا القسم هو حكم القسم الأول عنده رحمهالله.
وأمّا القسم الثالث ، وهو القصد مع التلبّس بما يعتقد كونه معصية فظهر حكمه من السابق ، حيث قال رحمهالله : إنّ قبح التجرّي فاعلي وليس فعليا حتى يكون محرما شرعا ، ومن هنا يعلم حكم الثلاثة الأخيرة بالأولوية ، ولا يحتاج إلى البيان.
(قال الشهيد رحمهالله في القواعد : لا تؤثّر نيّة المعصية عقابا ولا ذمّا).
يعني : نيّة المعصية لا توجب فعليّة العقاب ، والذم كما هو المستفاد من الأخبار الدالة على العفو.
(وقد ذكر بعض الأصحاب) تأييدا للوجه الثاني ، وهو أن المتجرّي يعاقب ، وتقريب التأييد : أنه إذا كان مجرد التشبيه بالحرام حراما ، فالتلبّس بما يعتقد كونه حراما حرام