وكلاهما تحكّم وتخرّص على الغيب» انتهى.
____________________________________
وجعل الشهيد رحمهالله هذه الموارد من محل النظر ، والنزاع محل للنظر والإشكال.
إذ المخالفة في هذه الموارد معصية وليست بتجرّي لأنّ المخالفة مخالفة للقواعد والاصول ، وذلك لأنّ وطء المرأة التي ظنّها أجنبية مخالفة للحرمة التي يقتضيها استصحاب عدم تحقّق سبب حلّ الوطء.
ثم أخذ المال من يد الغير ، وأكله من دون إذنه في المثال الثالث مخالفة لحرمة التصرّف في مال الغير التي يقتضيها استصحاب عدم تملّكه المال الذي بيد الغير مضافا إلى قاعدة اليد.
وكذا ذبح الشاة في المثال الرابع مخالفة لاستصحاب عدم ملكه للشاة التي ظنها للغير لعدم جواز التصرف في الأموال إلّا بعد العلم بتملّكه لها ، أو العلم بإذن مالكها له ، فالمخالفة في هذه الأمثلة خارجة عن التجرّي بل تكون معصية محضة.
وكذلك في المثال الخامس قتل النفس بظن أنّها معصومة مخالفة للظن إذا كان معتبرا ، أو مخالفة لاستصحاب عصمة النفس إلى أن يعلم خلافها.
وأمّا الصورة الثانية فنقول بجواز الوطء باستصحاب بقاء الطهر ، أو نقول بحرمة الوطء لو حصل الظن من قولها ، وعلى التقديرين ليست من موارد التجرّي.
(وكلاهما تحكّم وتخرّص على الغيب) يعني : إنّ الحكم بفسق المتعاطي وعقابه متوسطا بين الصغيرة والكبيرة تحكّم ، أي : حكم من غير دليل ، يعني : الحكم بفسق المتعاطي لا يظهر له وجه.
وتخرّص على الغيب : يعني : إنّ الحكم بكون عقابه عقابا متوسطا حكم بالغيب تخمينا وتخيّلا ، إذ لم يدل دليل شرعي على العقاب المتوسط ، فيكون هذا الحكم منه لا من الشارع ، فالأول راجع إلى الأول ، والثاني إلى الثاني.
* * *