وقد استحسن ما ذكره غير واحد ممّن تأخّر عنه ، منهم السيّد المحدّث الجزائري قدسسره
____________________________________
هو إعدام لشخصه وإحداث لشخصين آخرين ، أو ليس إعداما للشخص الأول وإنّما انعدمت صفة من صفاته وهو الاتّصال؟ وادّعى المشّاءون بداهة الأول ، والاشراقيون بداهة الثاني ، فلا بدّ من البحث في امور :
منها : بيان أنّ المشّائين والإشراقيين من هما؟
فنقول : إنّهما طائفتان من الحكماء ، ويكون رئيس الطائفة الاولى هو المعلّم الأول ، ورئيس الطائفة الثانية من القدماء هو افلاطون ، ومن المتأخرين هو الشيخ السهروردي ، والطائفة الاولى يعتقدون بحصول العلم من طريق الاستدلال ، والوقوف على حقيقة الأشياء بالبرهان ، وذكروا في وجه تسميتهم بالمشّائين امورا :
منها : أن بناء المعلم كان على التدريس حين مشيه ذهابا إلى خدمة الاسكندر وإيابا منها.
ومنها : إنّ بناءهم كان على التعلّم ، والمشي إلى منزل الاستاذ.
والطائفة الثانية : يعتقدون بحصول العلم والوقوف على حقيقة الأشياء من طريق المكاشفة وتصفية الباطن حتى يصير محلّا للفيض ، وقابلا له ، فيحصل له العلم بإشراق من النفس.
وللفريقين اختلافات كثيرة في مسائل متعدّدة :
منها : مسألة تركّب الجسم من الهيولى والصورة ، وعدم تركّبه منهما ، فذهب المشّاءون إلى الأول ، والإشراقيون إلى الثاني ، هذا تمام الكلام في الأمر الأول.
ومنها : بيان محل النزاع.
فنقول : إنّ محل النزاع يتّضح بعد بيان أمرين :
الأمر الأول : أنّ الجوهر ـ على ما في علم المنطق ـ على خمسة أقسام ، وذلك لأنّ الجوهر إمّا مفارق ، أو مقارن ، والأول إمّا مفارق في ذاته وفعله ، فهو العقل ، أو مفارق في ذاته فقط وهو النفس ، والثاني إمّا أن يكون محلّا لجوهر آخر وهو الهيولى أو يكون حالّا ، وهو الصورة ، أو يكون مركّبا عنهما وهو الجسم ، ومحلّ النزاع هو القسم الثالث من الجوهر المادي ، والمشّاءون يقولون بتركّب الجسم ، فيكون الجوهر المتقارن ثلاثة ، والإشراقيون