قلت : أوّلا : نمنع مدخليّة توسّط تبليغ الحجّة في وجوب إطاعة حكم الله سبحانه ، كيف والعقل بعد ما عرف أنّ الله تعالى لا يرضى بترك الشيء الفلانيّ وعلم بوجوب إطاعة الله ، لم يحتج ذلك إلى توسّط مبلّغ؟
ودعوى استفادة ذلك من الأخبار ممنوعة فإنّ المقصود من أمثال الخبر المذكور عدم جواز الاستبداد بالأحكام الشرعيّة بالعقول الناقصة الظنيّة ، على ما كان متعارفا في ذلك الزمان من العمل بالأقيسة والاستحسانات ، من غير مراجعة حجج الله بل في مقابلهم عليهمالسلام ،
____________________________________
(قلت : أوّلا : نمنع مدخليّة توسط تبليغ الحجّة في وجوب إطاعة حكم الله سبحانه).
هذا الجواب من المصنّف رحمهالله ردّ وناظر إلى الوجه الثاني من الوجوه المذكورة.
ومفاد هذا الوجه هو مدخلية توسّط تبليغ الحجّة في وجوب الإطاعة.
ففيه : أولا : منع مدخلية توسّط تبليغ الحجّة في تنجّز التكليف ، ووجوب الإطاعة ، كيف يكون له مدخلية (والعقل بعد ما عرف أنّ الله تعالى لا يرضى بترك الشيء الفلاني) كردّ الوديعة مثلا ، (وعلم) بالبداهة (بوجوب إطاعة الله تعالى لم يحتج ذلك) أي : ردّ الوديعة (إلى توسّط مبلّغ؟).
(ودعوى استفادة ذلك من الأخبار ممنوعة).
يعني دعوى استفادة مدخليّة توسّط تبليغ الحجّة من الأخبار ممنوعة.
(فإنّ المقصود من أمثال الخبر المذكور) مثل قوله عليهالسلام : (حرام عليكم أن تقولوا بشيء ما لم تسمعوا منّا) (١) هو عدم جواز الاستبداد ، والاستقلال والانفراد باستنباط الأحكام الشرعية بالعقول الناقصة الظنّية كالقياس مثلا ، فالمقصود منها هو منع أبي حنيفة وأمثاله الذين يجعلون أنفسهم مستغنين عن مسألة الحجج المعصومين عليهمالسلام ، بل كانوا يفتون على خلافهم.
وبالجملة فالمقصود من هذه الأخبار أنه لا يجوز لأحد أن يعتمد في الأحكام بالدليل العقلي الظني كما كان هذا متعارفا في ذلك الزمان ، أي : زمان الأئمة عليهمالسلام ، حيث يعمل أئمة النفاق بالأقيسة والاستحسانات الظنيّة من دون الرجوع إلى أئمة الهدى عليهمالسلام.
__________________
(١) الكافي ٢ : ٤٠٢ / ١ ، وفيه : (شرّ) بدل (حرام).