سبحان الله! يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون ، ويقطع أربعا فيكون عليه عشرون ؛ كان يبلغنا هذا ونحن بالعراق ، فقلنا : إنّ الذي جاء به شيطان ، قال عليهالسلام : (مهلا يا أبان! هذا حكم رسول الله صلىاللهعليهوآله ، إنّ المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية ، فإذا بلغ الثلث رجع إلى النصف ، يا أبان إنّك أخذتني بالقياس ، والسّنّة إذا قيست محق الدّين) (١).
وهي وإن كانت ظاهرة في توبيخ أبان على ردّ الرواية الظنّية التي سمعها في العراق بمجرّد استقلال عقله بخلافه ، أو على تعجّبه ممّا حكم به الإمام عليهالسلام ، من جهة مخالفته لمقتضى القياس ، إلّا أنّ مرجع الكلّ إلى التوبيخ على مراجعة العقل في استنباط الأحكام ،
____________________________________
قلت : سبحان الله يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون ، ويقطع أربعا فيكون عليه عشرون كان يبلغنا هذا ونحن بالعراق ، فقلنا : إن الذي جاء به شيطان ، قال عليهالسلام : (مهلا يا أبان هذا حكم رسول الله صلىاللهعليهوآله إنّ المرأة تعاقل الرجل ـ أي : تساوي الرجل ـ إلى ثلث الدية ، فإذا بلغ الثلث رجع إلى النصف ، يا أبان إنّك أخذتني بالقياس ، والسّنّة إذا قيست محق الدّين).
هذا تمام الرواية ، ومقتضى القياس القطعي أن يكون عليه أربعون في قطع أربع أصابع حتى يكون لكل إصبع عشر من الإبل ، ولمّا حكم الامام عليهالسلام بالعشرين تعجّب أبان بقوله : سبحان الله ، لأنه كان مخالفا لعقله ، إذ عقله قد حكم بعشر من الإبل لكل إصبع ، وكان هذا الحكم من العقل خطأ فيكون هذا الخطأ من العقل دليلا على وقوع الخطأ في حكم العقل في مناطات الأحكام.
والحاصل من الرواية أن الدية الكاملة في قتل الرجل مائة من الإبل ، وفي المرأة نصفها وفي قطع جميع أصابع الرجل ـ أيضا ـ دية كاملة لكل إصبع عشرة ، ودية جميع أصابع المرأة تكون نصف ما في أصابع الرجل وهي الخمسون ، ولكن لا بمعنى أن يكون لكل إصبع خمسة ، بل دية أصابع المرأة تساوي دية أصابع الرجل إلى ثلث الدية الكاملة ، فإذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف ، فعلى هذا حكم الإمام يكون على هذه القاعدة لأن الأربعين تجاوز عن ثلث الدية فتعود دية المرأة إلى النصف ، ونصف الأربعين هو العشرون.
__________________
(١) الكافي ٧ : ٢٩٩ / ٦.