الرابع : إنّ المعلوم إجمالا هل هو كالمعلوم بالتفصيل في الاعتبار أم لا؟
والكلام فيه يقع تارة : في اعتباره من حيث إثبات التكليف به ، وأنّ الحكم المعلوم بالإجمال هل هو كالمعلوم بالتفصيل في التنجّز على المكلّف أم هو كالمجهول رأسا؟
واخرى : في أنّه بعد ما ثبت التكليف بالعلم التفصيلي أو الاجماليّ المعتبر فهل يكتفى في امتثاله بالموافقة الإجماليّة ولو مع تيسّر العلم التفصيلي ، أم لا يكتفى به إلّا مع تعذّر العلم
____________________________________
(الرابع : إنّ المعلوم إجمالا هل هو كالمعلوم بالتفصيل في الاعتبار أم لا؟ ... إلى آخره) وقبل الدخول في البحث تفصيلا لا بدّ من بيان امور :
الأمر الأول : بيان ما هو المراد من العلم الإجمالي في المقام ، فنقول : إنّ المراد منه ليس العلم بالأفراد من العلم بالكلّي كما يقول به المنطقيون ، وكذا ليس المراد من العلم الإجمالي العلم بالمعلول من العلم بالعلّة كما يقول به الفلاسفة ، بل المراد به ما هو المصطلح عند الاصوليين وذلك يتّضح بعد مقدّمة وهي :
إن التكليف يتوقّف على أمرين :
أحدهما : ما يتعلّق به التكليف الوجوبي كالصلاة ، أو التحريمي كالخمر مثلا.
وثانيهما : من يتوجّه إليه التكليف ، وهو المكلّف ، ثم أضف إلى هذين الأمرين نفس التكليف فهنا ثلاثة امور : المتعلّق ، المكلّف ، التكليف. ثم المكلّف تارة يعلم بالجميع ، وهذا العلم منه يسمّى بالعلم التفصيلي ، واخرى لا يعلم بشيء منها ، وهذا الجهل منه يسمّى بالجهل البسيط ، وثالثة يعلم ببعضها دون بعض.
فتارة : يعلم بالتكليف فقط ، مثل : من يرى المني في ثوب مشترك بين زيد وعمرو فإنّه يعلم بوجوب الغسل فقط دون المكلّف والمتعلّق ، لأنّ المكلّف مردّد بين زيد وعمرو والمتعلّق ـ أيضا ـ مردّد بين غسل زيد ، وغسل عمرو.
واخرى : يعلم بالتكليف والمكلّف ، ولا يعلم بمتعلّق التكليف ، كمن يعلم بوجوب صلاة يوم الجمعة ، ولكن لا يعلم بأنها هل هي صلاة الظهر أو الجمعة؟
وثالثة : يعلم بالمكلّف والمتعلّق ، ولا يعلم بالتكليف ، كمن لا يعلم بأن حكم صلاة الجمعة هل هو الوجوب ، أو الحرمة؟