إلّا أنّه لا إطلاق لها ، لأنّ السؤال عن الخبرين اللّذين فرض السائل كلّا منهما حجّة يتعيّن العمل بها لو لا المعارض ، كما يشهد به السؤال بلفظ «أيّ» الدالّة على السؤال عن المعيّن مع العلم بالمبهم ، فهو كما إذا سئل عن تعارض الشهود أو أئمّة الصلاة ، فأجاب ببيان المرجّح ، فإنّه لا يدلّ إلّا على أنّ المفروض تعارض من كان منهم مفروض القبول لو لا المعارض.
نعم ، رواية ابن المغيرة تدلّ على اعتبار خبر كلّ ثقة. وبعد ملاحظة ذكر الأوثقيّة والأعدليّة في المقبولة والمرفوعة يصير الحاصل من المجموع اعتبار خبر الثقة ، بل العادل.
لكنّ الإنصاف أنّ ظاهر مساق الرواية أنّ الغرض من العدالة حصول الوثاقة ، فتكون العبرة بها.
ومنها : ما دلّ على إرجاع آحاد الرواة إلى آحاد أصحابهم عليهمالسلام ، بحيث يظهر منه
____________________________________
بأن تدل على كون المناط في اعتبارها هو وثاقة الراوي ، أو عدالته ، أو نحو ذلك ، ودلالتها على الحجّيّة في الجملة غير مجدية ، كما لا يخفى.
وقد أشار إلى هذا الإشكال بقوله : (إلّا أنّه لا إطلاق لها) ، أي : لا تدل على حجّيّة جميع أقسام الخبر ، ولا على حجّية صنف خاص منه ، إذ المستفاد منها هو حجّية الخبرين اللّذين فرضهما السائل حجّتين لو لا التعارض بينهما ، وأمّا بأيّ ملاك يكون كل منهما حجّة ، فلا يعلم ، بل هو في بطن السائل ، فتعيين ملاك الحجّية يحتاج إلى دليل من الخارج ، ولم يستفد من نفس هذه الروايات.
(نعم ، رواية ابن المغيرة تدل على اعتبار خبر كل ثقة) ، حيث قال الإمام عليهالسلام : (إذا سمعت من أصحابك الحديث ، وكلّهم ثقة ، فموسّع عليك).
المستفاد من هذه الرواية هو أنّ المناط في الحجّية هو الوثاقة ، وهكذا المستفاد من المقبولة والمرفوعة ، حيث أرجع الإمام عليهالسلام السائل فيهما إلى ملاحظة الأعدلية والأوثقية ، والأخذ بما هو أعدل أو أوثق ، مبيّنا أنّ الملاك في حجّية الأخبار هو الوثاقة والعدالة.
فالمتحصّل من المجموع هو حجّيّة خبر الثقة ، بل العادل ، بل يمكن أن يقال : إنّ الغرض من بيان العدالة هو حصول الوثوق من الخبر ، فيكفي في حجّيّة الرواية وثاقة الراوي ، ولا يجب أن يكون الراوي عادلا.
(ومنها : ما دل على إرجاع آحاد الرواة إلى آحاد أصحابهم عليهمالسلام) ، والطائفة الثانية التي