ومثل مرفوعة الكنانيّ عن الصادق عليهالسلام ، في تفسير قوله تعالى : (مَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)(١) ، قال : (هؤلاء قوم من شيعتنا ضعفاء ، وليس عندهم ما يتحمّلون به إلينا فيستمعون حديثنا ويفتشون من علمنا ، فيرحل قوم فوقهم وينفقون أموالهم ويتعبون أبدانهم ، حتى يدخلوا علينا ويسمعوا حديثنا فينقلون إليهم ، فيعيه أولئك ويضيّعه هؤلاء ، فأولئك الّذين يجعل الله لهم مخرجا ويرزقهم من حيث لا يحتسبون) (٢).
دلّ على جواز العمل بالخبر وإن نقله من يضيّعه ولا يعمل به.
ومنها : الأخبار الكثيرة التي يظهر من مجموعها جواز العمل بخبر الواحد وإن كان في دلالة كلّ واحد على ذلك نظر.
مثل النّبويّ المستفيض ، بل المتواتر : (إنّه من حفظ على أمّتي أربعين حديثا بعثه الله فقيها عالما يوم
القيامة) (٣).
قال شيخنا البهائيّ قدسسره ، في أوّل أربعينه : «إنّ دلالة هذا الخبر على حجّيّة خبر الواحد لا يقصر عن دلالة آية النّفر».
____________________________________
(ومنها : الأخبار الكثيرة التي يظهر من مجموعها جواز العمل بخبر الواحد).
والطائفة الرابعة : هي الأخبار الآمرة بحفظ الروايات وضبطها والاهتمام بشأنها على ألسنة مختلفة ، ويظهر من مجموعها جواز العمل بخبر الواحد.
(مثل النّبويّ المستفيض ، بل المتواتر : (إنّه من حفظ على امتي أربعين حديثا بعثه الله فقيها عالما يوم القيامة)).
وقد تقدّم هذا الحديث في ذيل آية النّفر ، وقلنا في تقريب الاستدلال به : إنّ النبي صلىاللهعليهوآله قد مدح حافظ الحديث ، وهذا المدح يكشف عن حجّيّة نقل الحديث ، إذ لا أثر للحفظ فقط لو لم يكن نقله حجّة.
وبعبارة اخرى : إنّ ترغيب الشارع على حفظ الحديث لا يكون إلّا من جهة كونه حجّة ،
__________________
(١) الطلاق : ٢ و ٣.
(٢) الكافي ٨ : ١٥٦ / ٢٠١ ، باختلاف يسير ، وفيه : (عن محمد الكناسي). الوسائل ٢٧ : ٩٠ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٨ ، ح ٤٥.
(٣) الخصال ٢ : ٥٤١ / ١٥ ، وثواب الأعمال : ١٦٢ / ١ ، باختلاف يسير فيهما.