وقد ادّعى في الوسائل تواتر الأخبار بالعمل بخبر الثقة ، إلّا أنّ القدر المتيقّن منها هو خبر الثقة الذي يضعف فيه احتمال الكذب على وجه لا يعتني به العقلاء ، ويقبّحون التوقّف فيه لأجل ذلك الاحتمال ، كما دلّ عليه ألفاظ الثقة والمأمون والصادق وغيرها الواردة في الأخبار المتقدّمة ، وهي أيضا منصرف إطلاق غيرها.
وأمّا العدالة ، فأكثر الأخبار المتقدّمة خالية عنها ، بل في كثير منها التصريح بخلافه ، مثل
____________________________________
مقطوعة الصدور.
فنقول : لا شكّ في كون هذه الأخبار متواترة إجمالا ، وذلك أنّ التواتر على أقسام ثلاثة :
الأوّل : التواتر اللفظي ، وهو اتفاق جماعة بحيث يكون اتفاقهم على الكذب ممتنعا عادة على نقل خبر بلفظه.
والثاني : التواتر المعنوي ، وهو اتفاقهم على نقل مضمون واحد مع الاختلاف في الألفاظ ، سواء كانت دلالة الألفاظ على المضمون الواحد بالمطابقة أو بالتضمّن أو بالالتزام أو بالاختلاف ، كالأخبار الحاكية لحالات علي عليهالسلام في الحروب ؛ فإنّها متفقة الدلالة على شجاعته عليهالسلام مع اختلافها بحسب الألفاظ.
والثالث : التواتر الإجمالي ، وهو ورود عدّة من الأخبار التي يعلم بصدور بعضها مع عدم اشتمالها على مضمون واحد ، فهذه الطوائف متواترة إجمالا قطعا. ومقتضى تواترها الإجمالي هو الالتزام بحجّية الأخص منها باعتبار كونه القدر المتيقّن.
والمصنّف رحمهالله قد أشار إلى تواترها بقوله : (وقد ادّعى في الوسائل تواتر الأخبار بالعمل بخبر الثقة ...).
ثمّ أشار إلى القدر المتيقّن من هذه الأخبار بقوله : (إلّا أنّ القدر المتيقّن منها هو خبر الثقة الذي يضعف فيه احتمال الكذب على وجه لا يعتني به العقلاء).
والشاهد على أنّ القدر المتيقّن هو خبر الثقة ورود ألفاظ الثقة والمأمون والصّادق وغيرها في هذه الأخبار.
والشاهد الثاني : هو أنّ الثقة(أيضا منصرف إطلاق غيرها) ، أي : إنّ الأخبار التي ليس فيها هذه العناوين ـ أي : الثقة والمأمون والصادق ـ منصرفة إلى خبر الثقة.
(وأمّا العدالة فأكثر الأخبار المتقدّمة خالية عنها ، بل في كثير منها التصريح بخلافه) ، أي :