والحاصل أنّ الإجماع الذي ادّعاه السيّد قدسسره قولي ، وما ادّعاه الشيخ قدسسره إجماع عمليّ ، والجمع بينهما يمكن بحمل عملهم على ما احتفّ بالقرينة عندهم ، وبحمل قولهم على ما ذكرنا من الاحتمال في دفع الروايات الواردة فيما لا يرضونه من المطالب ، والحمل الثاني مخالف لظاهر القول ، والحمل الأوّل ليس مخالفا لظاهر العمل ؛ لأنّ العمل مجمل من أجل الجهة التي
____________________________________
كانوا يعملون بخبر الثقة الضابط ، فضلا عن العادل ، فقولهم بنفي العمل عن مطلق خبر الواحد كان حيلة عليهم ، وعملهم بخبر الثقة كان حجّة لنا.
وبعبارة اخرى : إنّ المخالفين كانوا يناظرون ، ويباحثون مع الإمامية المخالطين معهم في ذلك الزمان في بعض المسائل الاعتقادية ، فكانوا يتمسّكون على إثبات فضائل أئمتهم بالأخبار النبوية المجعولة ، والإمامية لمّا لم يمكنهم في مقام ردّ استدلالهم بها التصريح بفسق رواتها قالوا بأنّا لا نعمل بخبر الواحد ، حيلة عليهم وتخلصا عن مناظرتهم.
ثمّ اشتهر هذا العمل بينهم ، فظن السيد قدسسره وأمثاله كون المنع عن العمل بخبر الواحد مطلقا شعارا ومذهبا للإمامية ، فادّعوا الإجماع على المنع.
ثمّ شرع المصنّف رحمهالله في الجمع بين إجماعي الشيخ والسيّد قدسسرهما ، وحاصل الجمع أنّه لمّا كان إجماع الشيخ قدسسره عمليا ، حيث إنّه يدّعي أنّ الأصحاب كلهم يعملون بأخبار الآحاد ، وإجماع السيد قدسسره قوليا ، حيث إنّه يدّعي بأنّهم يقولون بأنّا لا نعمل بالخبر غير العلمي ، أمكن الجمع بينهما بأحد وجهين :
أحدهما : التصرّف في جانب العمل ، بحمل عملهم على خبر الواحد المحفوف بالقرينة عندهم ، كما هو مذهب السيد قدسسره ، فيصبح الشيخ قدسسره موافقا له.
وثانيهما : التصرّف في جانب القول بحمل قولهم على ما ذكر من أنّ المراد من المنع قولا هو المنع عن أخبار المخالفين ، فيصبح السيد قدسسره موافقا للشيخ قدسسره كما لا يخفى.
ثمّ يقول : (الحمل الثاني مخالف لظاهر القول).
إذ القول بأنّا لا نعمل بالخبر غير العلمي مطلق ، وظاهر في عدم حجّية مطلق الخبر غير العلمي ، فحمله على عدم حجّية أخبار المخالفين مخالف لظاهر القول في الإطلاق.
(والحمل الأوّل ليس مخالفا لظاهر العمل).
إذ العمل ليس له ظهور أصلا ليكون التصرّف فيه على خلاف الظاهر ، بل العمل (مجمل