الأخبار التي عمل بها الأصحاب ودوّنوها في كتبهم محفوفة عندهم بالقرائن ، أو أنّ من قال من شيوخهم بعدم حجّيّة أخبار الآحاد أراد بها مطلق الأخبار ، حتى الأخبار الواردة من طرق أصحابنا مع وثاقة الراوي ، أو أنّ مخالفته لأصحابنا في هذه المسألة لأجل شبهة حصلت له ، فخالف المتفق عليه بين الأصحاب.
ثمّ إنّ دعوى الإجماع على العمل بأخبار الآحاد وإن لم يطّلع عليها صريحة في كلام غير الشيخ وابن طاوس والعلّامة والمجلسيّ قدسسرهم ، إلّا أنّ هذه الدعوى منهم مقرونة بقرائن تدلّ على صحّتها وصدقها ، فخرج عن الإجماع المنقول بخبر الواحد المجرّد عن القرينة ويدخل في المحفوف بالقرينة ، وبهذا الاعتبار يتمسّك بها على حجّيّة الأخبار.
____________________________________
منها : إنّ السيد قدسسره وأتباعه زعموا أنّ الأخبار التي عمل بها الأصحاب محفوفة عندهم بالقرائن.
ومنها : إنّهم زعموا بأنّ من قال بعدم حجّية أخبار الآحاد من شيوخهم أراد بها مطلق أخبار الآحاد ، ولم يتفطنوا بأنّه أراد أخبار المخالفين في مقام ردّ استدلالهم بها.
ومنها : أن يكون منشأ الشبهة هو أنّ الأصحاب لمّا لم يمكنهم التصريح بفسق رواة ما استدل به المخالفون قالوا : إنّا لا نعمل بخبر الواحد ، فزعم السيد قدسسره أنّ عدم عملهم بخبر الواحد كان شعارا ومذهبا لهم ، ولم يتفطّن بأنّه حيلة منهم في مقام ردّ استدلال المخالفين بالأخبار النبوية المجعولة.
وقوله : (ثمّ إنّ دعوى الإجماع على العمل بأخبار الآحاد) دفع لما يتوهّم من أنّ الإجماع المنقول بخبر الواحد دليل ظني ، فلا يجوز الاستدلال به على إثبات حجّية خبر الواحد ، إذ الاستدلال به يرجع إلى الاستدلال بخبر الواحد على حجّية خبر الواحد ، فيكون مضافا إلى كونه مصادرة بالمطلوب مستلزما للدور الباطل ، كما لا يخفى.
وحاصل الدفع لهذا التوهّم هو أنّ هذا الإجماع لم يكن منقولا بخبر الواحد المجرّد حتى يلزم المحذور المزبور ، بل يكون منقولا بخبر متظافر مقرون بالقرينة التي توجب القطع بصحة الإجماع ، فيخرج عن كونه دليلا ظنيا ، ويدخل في الدليل القطعي.
(وبهذا الاعتبار يتمسّك بها على حجّية الأخبار).
أي : باعتبار كون الإجماع منقولا بخبر محفوف بالقرينة ، فيكون دليلا قطعيا يتمسّك به