معنى التصحيح المجمع عليه هو عدّ خبره صحيحا ، بمعنى عملهم به ، لا القطع بصدوره ، إذ الاجماع وقع على التصحيح لا على الصحّة ، مع أنّ الصحة عندهم ـ على ما صرّح به غير واحد ـ عبارة عن الوثوق والركون ، لا القطع واليقين.
ومنها : دعوى النجاشي أنّ مراسيل ابن أبي عمير مقبولة عند الأصحاب ، وهذه العبارة تدلّ على عمل الأصحاب بمراسيل مثل ابن أبي عمير ، لا من أجل القطع بالصدور ، بل لعلمهم أنّه لا يروي أو لا يرسل إلّا عن الثقة ، فلو لا قبولهم لما يسنده الثقة إلى الثقة لم يكن وجه لقبول مراسيل ابن أبي عمير الذي لا يروي إلّا عن الثقة ، والاتفاق المذكور قد ادّعاه الشهيد في الذكرى أيضا. وعن كاشف الرموز تلميذ المحقّق : إنّ الأصحاب عملوا بمراسيل البزنطيّ.
____________________________________
(فمن تلك القرائن : ما ادّعاه الكشي من إجماع العصابة) ، أي : جماعة (على تصحيح ما يصحّ عن جماعة ...).
يبيّن المصنّف رحمهالله القرائن الدالة على صحة إجماع الشيخ الطوسي قدسسره واحدة واحدة ، ويقول : فمن تلك القرائن ما ادّعاه الكشي من إجماع الجماعة على تصحيح ما يصح عن جماعة ، وهم أكثر من عشر رواة ، ومنهم زرارة ومحمد بن مسلم وأبو بصير الأسدي وبريد والفضل بن يسار وغيرهم ، والتفصيل في علم الرجال.
ثمّ المقصود من تصحيح ما يصح عن هؤلاء ـ كما قيل ـ أنّه إذا صح الخبر إلى أحد هؤلاء يحكم بصحته ، ويعمل به من دون ملاحظة ما بعده إلى المعصوم عليهالسلام ، فيرجع هذا التصحيح إلى عدّ خبر هؤلاء صحيحا فيجب العمل به.
وهذا معنى حجّية خبر الواحد إذا كان الراوي أحد هؤلاء ، وليس معنى التصحيح القطع بصدور الخبر ، إذ فرق بين التصحيح وبين الحكم على الصحة ، والإجماع قام على التصحيح لا على الصحة بمعنى القطع بالصدور.
هذا مضافا إلى أنّ الصحة عندهم عبارة عن الوثوق والركون ، لا القطع واليقين ، وكيف كان ، فإنّ المستفاد من هذا الإجماع هو عمل الأصحاب بالخبر غير العلمي في الجملة وهو المطلوب.
(ومنها : دعوى النجاشي أنّ مراسيل ابن أبي عمير مقبولة عند الأصحاب).