العالم.
الثاني من وجوه تقرير الإجماع : أن يدّعى الإجماع ، حتى من السيّد وأتباعه ، على وجوب العمل بالخبر الغير العلمي ، في زماننا هذا وشبهه ، ممّا انسدّ فيه باب القرائن المفيدة للعلم بصدق الخبر ، فإنّ الظاهر أنّ السيّد إنّما منع من ذلك لعدم الحاجة إلى خبر الواحد المجرّد ، كما يظهر من كلامه المتضمّن للاعتراض على نفسه بقوله : «فإن قلت : إذا سددتم طريق العمل بأخبار الآحاد ، فعلى أي شيء تعوّلون في الفقه كلّه؟».
فأجاب بما حاصله : «إنّ معظم الفقه يعلم بالضرورة والإجماع والأخبار العلميّة ، وما يبقى من المسائل الخلافيّة يرجع فيها إلى التخيير».
وقد اعترف السيّد رحمهالله في بعض كلامه على ما في المعالم ، بل وكذا الحلّي في بعض كلامه ـ على ما هو ببالي ـ : بأنّ العمل بالظنّ متعيّن فيما لا سبيل فيه إلى العلم.
الثالث من وجوه تقرير الإجماع : استقرار سيرة المسلمين طرّا على استفادة الأحكام
____________________________________
وهذه حكاية عجيبة لأن التستري كان ممّن يعمل في الفقه بخبر الواحد ، لا أنّه ممّن لا يرى ذلك ، فلا بدّ من توجيه هذه الحكاية بأن يقال : إنّه كان ممّن يمنع العمل بأخبار الآحاد في أوائل اجتهاده ، ثمّ رجع إلى الحجّية.
(الثاني من وجوه تقرير الإجماع : أن يدّعى الإجماع ، حتى من السيّد وأتباعه ، على وجوب العمل بالخبر الغير العلمي ، في زماننا هذا وشبهه ، ممّا انسدّ فيه باب القرائن المفيدة للعلم بصدق الخبر).
بدأ المصنّف في التقرير الثاني بعد الفراغ من التقرير الأوّل ، والفرق بين التقريرين هو أنّ التقرير الأوّل أعمّ من حيث المورد ، حيث يشمل صورتي الانفتاح والانسداد ، والتقرير الثاني أعمّ من حيث المجمعين حتى يشمل السيد وأتباعه.
وحاصل تقريب هذا التقرير هو أنّ كل من منع عن العمل بأخبار الآحاد ، كالسيد وأتباعه إنّما منع ذلك لعدم الحاجة إليه في فرض انفتاح باب العلم ؛ لأن المكلّف يتمكّن من تحصيل العلم ، فلا يحتاج إلى العمل بخبر الواحد ، بخلاف ما إذا كان باب العلم منسدّا ، فيجوز العمل بخبر الواحد ، فيكون حجّة حتى عند السيد وأتباعه ؛ لأن السيد قد اعترف في بعض كلامه على أنّ العمل بالظن متعيّن فيما لا سبيل فيه إلى العلم.