فالجملة الشرطيّة هنا مسوقة لبيان تحقّق الموضوع ، كما في قول القائل : إن رزقت ولدا فاختنه ، وإن ركب زيد فخذ ركابه ، وإن قدم من السفر فاستقبله ، وإن تزوّجت فلا تضيع حقّ زوجتك ، وإذا قرأت الدرس فاحفظه.
قال الله سبحانه : (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا)(١) ، (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها)(٢) ، إلى غير ذلك ممّا لا يحصى.
____________________________________
الموضوع في الحكم.
ومنها : إنّ القضية الشرطية تنقسم إلى قسمين :
قسم له مفهوم نحو : إن جاءك زيد فأكرمه.
وقسم لا يكون له مفهوم ، وهو ما إذا كان مفهومه سالبة بانتفاء الموضوع كما في المقام ، حيث كان الموضوع هو مجيء الفاسق ، والحكم هو وجوب التبيّن.
فيكون المفهوم ـ حينئذ ـ هو عدم وجوب التبيّن عند عدم مجيء الفاسق بنبإ ، فيكون انتفاء وجوب التبيّن بانتفاء الموضوع كما أشار إليه بقوله :
(وعدم التبيّن هنا لأجل عدم ما يتبيّن) ، أي : الموضوع ، وهو مجيء الفاسق بنبإ ، فحينئذ تكون القضية الشرطية لبيان تحقّق الموضوع لا للمفهوم ، كما قال المصنّف رحمهالله.
فالجملة الشرطية ـ هنا ـ مسوقة لبيان تحقّق الموضوع ، وقد ذكر لها أمثلة متعدّدة :
منها : إن رزقت ولدا فاختنه ، فانتفاء الشرط يستلزم انتفاء الموضوع ، ويكون انتفاء الحكم في الجزاء لأجل انتفاء الموضوع ، فانتفاء وجوب الختان في المثال المذكور يكون لانتفاء الولد ، وقس عليه بقية الأمثلة المذكورة في المتن.
ومنها : بيان ما هو النكتة والسرّ لعدم المفهوم ، فيما إذا كانت القضية الشرطية مسوقة لبيان تحقّق الموضوع ، وكان مفهومها سالبة بانتفاء الموضوع.
ويتضح ذلك بعد تقديم مقدمة ، وهي أنّ التكليف سواء كان مستفادا من المفهوم أو المنطوق يكون مشروطا على أن يكون ما تعلق به التكليف مقدورا للمكلف ، ثمّ المقدور ما يكون وجوده وعدمه ممكنا للمكلف ، فما لا يكون عدمه وتركه أو فعله مقدورا لا يعد
__________________
(١) الأعراف : ٢٠٤.
(٢) النساء : ٨٦.