وأمّا الشك ، فلمّا لم يكن فيه كشف أصلا لم يعقل فيه أن يعتبر.
فلو ورد في مورده حكم شرعي ، كأن يقول : الواقعة المشكوكة حكمها كذا ، كان حكما ظاهريّا لكونه مقابلا للحكم الواقعي المشكوك بالفرض ، ويطلق عليه الواقعي الثانوي
____________________________________
ثمّ إن ظاهر كلام المصنّف رحمهالله من قوله : (وأمّا الشك ، فلمّا لم يكن فيه كشف أصلا لم يعقل فيه أن يعتبر) هو أن المراد من الشك ما يتساوى طرفاه في مقابل القطع والظن ، ولكن في الحقيقة ـ كما سيأتي ـ أن المراد من الشك هو مطلق عدم الحجّة والدليل على ثبوت حكم أو نفيه لا الشك بمعنى ما يتساوى طرفاه ، إذ الوظائف المجعولة للشاك ليست مخصوصة بالشاك بمعنى ما يتساوى طرفاه ، بل تكون مجعولة لكل من لم يقم عنده دليل وحجّة على الحكم ، فيشمل الشك الظن غير المعتبر ، كما سيأتي في كلام المصنّف رحمهالله حيث يقول : ثمّ إنّ الظن غير المعتبر حكمه حكم الشك.
(فلو ورد في مورده حكم شرعي ، كأن يقول : الواقعة المشكوكة حكمها كذا ، كان حكما ظاهريا)
وكلام المصنّف رحمهالله هذا وإن كان في بيان حكم الشك إلّا إنه يظهر منه تقسيم الحكم إلى الظاهري ، والواقعي ، والفرق بينهما ، فنقول : إن الفرق بينهما على ما يظهر من المصنّف رحمهالله من جهتين :
الاولى : من حيث الموضوع.
والثانية : من حيث الدليل تسمية.
وأمّا الفرق من حيث الموضوع فهو أن الموضوع في الحكم الواقعي ، هو الشيء بعنوانه الأوّلي من دون اعتبار علم المكلّف ، أو جهله فيه ، فالخمر مثلا بعنوان أنّه خمر حكمه الواقعي هو الحرمة. سواء كان المكلّف عالما ، أو جاهلا غافلا ، أو ملتفتا.
وأمّا الموضوع في الحكم الظاهري فهو الشيء بعنوان المشكوك حكمه الواقعي ، كما أشار إليه بقوله :
(كأن يقول : الواقعة المشكوكة حكمها كذا).
أي : البراءة ، أو الاحتياط مثلا ، فيكون كلّ واحد من البراءة ، أو الاحتياط حكما ظاهريا ، أو يقول : إن الواقعة التي قام على حكمها أمارة كخبر الثقة مثلا يكون حكمها مؤدّى