____________________________________
إكرام ، وقال ثالثا : إعطاء الدراهم ليس بإكرام ، ففي هذا المثال يكون الدليل الثالث حاكما على الثاني ، ومضيّقا لمحموله حيث أخرج إعطاء الدراهم عن الإكرام المحمول في الدليل الثاني.
والرابع : مثال ما إذا كان الدليل الحاكم ناظرا إلى محمول الدليل المحكوم بنحو التوسعة هو قول المولى لعبده : اكرم أولادي ، ثمّ قال : إعطاء الطعام إكرام ، ثمّ قال : التأديب إكرام ، حيث يكون الدليل الثالث حاكما وموسّعا لمحمول الدليل الثاني. هذا تمام الكلام في الحكومة.
وأمّا الورود : فهو عبارة عن خروج موضوع أحد الدليلين عن موضوع الدليل الآخر تكوينا بواسطة التعبّد ـ أي : تعبّد الشارع بالدليل الوارد ـ ، وبعبارة اخرى : هو أن يكون أحد الدليلين رافعا لموضوع الآخر رفعا حقيقيا ، ولكن بواسطة التعبّد فيما إذا كان قابلا للتعبّد ، وذلك مثل الأمارات الشرعية بالقياس إلى الاصول العقلية ، وهي : البراءة والاحتياط والتخيير ، حيث تكون الأمارات واردة عليها.
وذلك لكون موضوع البراءة العقلية هو عدم البيان حيث يحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، فيكون خبر الثقة بعد حجّيته بيانا فيرتفع ، وينتفي به عدم البيان وجدانا.
وموضوع الاحتياط هو احتمال العقاب ، وعدم المؤمّن عنه ، فيكون خبر الثقة مؤمّنا فيرتفع به موضوع الاحتياط.
وموضوع التخيير هو الحيرة وعدم المرجّح فيرتفع بخبر الثقة ، لكونه مرجّحا.
وهكذا يكون الدليل القطعي واردا على الاصول الشرعية حيث يكون موضوعها هو الشك ؛ إمّا في أصل التكليف كالبراءة الشرعية ، وإمّا في بقاء التكليف كالاستصحاب ، وعلى كل تقدير يكون الدليل القطعي ـ كالخبر المتواتر ـ رافعا لموضوع الاصول الشرعية ، فيكون واردا عليها.
ثمّ إن الورود يشترك مع التخصّص من جهة خروج الموضوع فيهما تكوينا ، ويفترق عنه من جهة احتياج الورود إلى التعبّد دون التخصّص.
والفرق بين الورود والحكومة هو أن انتفاء موضوع الدليل المورود بعد التعبّد بالدليل