الثاني : ما أورده في محكيّ العدّة والذريعة والغنية ومجمع البيان والمعارج وغيرها ، من انّا لو سلّمنا دلالة المفهوم على قبول خبر العادل غير المفيد للعلم ، لكن نقول : إنّ مقتضى عموم التعليل وجوب التبيّن في كلّ خبر لا يؤمن الوقوع في الندم من العمل به ، وإن كان المخبر عادلا ، فيعارض المفهوم والترجيح مع ظهور التعليل.
لا يقال : إنّ النسبة بينهما وإن كانت عموما من وجه فيتعارضان في مادّة الاجتماع ـ وهي خبر العادل غير المفيد للعلم ـ لكن يجب تقديم عموم المفهوم وإدخال مادّة الاجتماع فيه ، إذ
____________________________________
وبالجملة ، ما ذكر من الوجهين في تصحيح المفهوم مردود وباطل ، فيبقى الإشكال على حاله ، وليس قابلا للجواب على رأي المصنّف رحمهالله.
(الثاني : ما أورده في محكيّ العدّة والذريعة والغنية ومجمع البيان والمعارج ... إلى آخره) ، إنّ المصنّف رحمهالله بعد الفراغ عن الإيراد الأول يشير بقوله : (الثاني) إلى الإيراد الثاني الذي لا يمكن الجواب عنه.
وهذا الإشكال وإن كان كالإشكال الأول ردّا للاستدلال بمفهوم الآية على حجّية خبر العادل إلّا أنّه يفترق عنه بأنّ الأول يكون راجعا إلى منع المفهوم من حيث وجود المقتضي وهذا الإشكال يرجع إلى منعه من جهة وجود المانع كما لا يخفى.
وتقريب الإشكال : إنّ المفهوم على فرض تسليمه وإن كان دالا على حجّية خبر العادل غير الفيد للعلم إلّا أنّ مقتضى عموم التعليل عدم حجّيته ، فيكون المفهوم معارضا بعموم التعليل ، وذلك أنّ الله تعالى قد حكم في صدر الآية الشريفة بوجوب التبيّن في خبر الفاسق ، ثم علّله باحتمال الوقوع في الندم.
وهذا التعليل يجري في خبر العادل فيقتضي وجوب التبيّن فيه كخبر الفاسق ، ثمّ إنّ الحكم يدور مدار علّته سعة وضيقا ، فالحكم بوجوب التبيّن يجري في خبر العادل لوجود علّته فيه ، فلا يكون حجّة ، ويكون المفهوم الدال على الحجّية معارضا مع عموم التعليل.
ويقدم عموم التعليل على المفهوم لترجيحه عنه ، كما أشار إليه بقوله : (والترجيح مع ظهور التعليل) ؛ لأنّ دلالته على عدم الحجّية يكون بالمنطوق ، ومعلوم أنّ المنطوق أقوى من المفهوم فيقدم عليه.
(لا يقال : إنّ النسبة بينهما وان كانت عموما من وجه فيتعارضان في مادّة الاجتماع ـ