وفيه : إنّ ظاهرها الإخبار بوقوع التعذيب سابقا بعد البعث ، فيختصّ بالعذاب الدنيوي الواقع في الامم السابقة.
ثمّ إنّه ربّما يورد التناقض على من جمع بين التمسّك بالآية في المقام وبين ردّ من استدلّ بها ؛ لعدم الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع ، بأنّ نفي فعليّة التعذيب أعمّ من نفي الاستحقاق.
____________________________________
والشرع كلاهما يحكم بحسن فعل أو قبحه ، إلّا إنّه لا يترتب العقاب الفعلي على ما حكم العقل بقبحه ما لم يرد النهي عنه شرعا ، وعدم فعليّة العقاب قبل النهي شرعا لا ينافي استحقاقه عقلا ، بأن يكون العقل ملازما للشرع في مرحلة الاستحقاق دون الفعلية.
(وفيه : إنّ ظاهرها الإخبار بوقوع التعذيب سابقا بعد البعث ، فيختصّ بالعذاب الدنيوي الواقع في الامم السابقة).
ويرد على الاستدلال بالآية بما حاصله : من أنها ظاهرة في نفي التعذيب الدنيوي عن الامم السابقة قبل إتمام الحجّة عليهم ببعث الرسل بقرينة التعبير بلفظ الماضي ، أي : وما كنّا معذّبين حتى نبعث رسولا ، فهي تدل على عدم وقوع التعذيب الدنيوي في الامم السابقة قبل البيان ، فلا دلالة لها على نفي العذاب الاخروي عند عدم البيان حتى يستلزم نفي التكليف ، وهو المطلوب. وبهذا البيان تكون أجنبية عن المقام كما لا يخفى.
(ثمّ إنّه ربّما يورد التناقض على من جمع بين التمسّك بالآية في المقام وبين ردّ من استدلّ بها ؛ لعدم الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع).
والجامع بين الاستدلال بالآية على البراءة ، وبين ردّ الاستدلال بها على عدم الملازمة هو الفاضل التوني ، والمورد عليه بأنّ الجمع المذكور مستلزم للتناقض هو المحقّق القمّي قدسسره.
وإيراد المحقّق القمّي قدسسره بأنّ الجمع مستلزم للتناقض يتضح بعد تقديم امور :
منها : تقريب الاستدلال بالآية على عدم الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع في مسألة الحسن والقبح ، حيث قالت الأشاعرة بعدم الملازمة ، وادّعت المعتزلة الملازمة ، فاستدلت الأشاعرة لنفي الملازمة بهذه الآية بأنّ الآية تدل بظاهرها على إناطة العذاب بالبيان النقلي ، إذ بعث الرسول ظاهر في البيان النقلي.
فيكون معناها عدم وقوع العذاب بدون البيان النقلي بالرسول ، وإن حكم به العقل