ويمكن دفعه : بأنّ عدم الفعليّة يكفي في هذا المقام ، لأنّ الخصم يدّعي أنّ في ارتكاب الشبهة الوقوع في العقاب والهلاك فعلا من حيث لا يعلم ، كما هو مقتضى رواية التثليث ونحوها التي هي عمدة أدلّتهم ، ويعترف بعدم المقتضي للاستحقاق على تقدير عدم الفعليّة ،
____________________________________
عدم الملازمة ، لأنه مستلزم للتناقض ، إذ لازم البراءة هو نفي استحقاق العذاب بنفي التكليف ، ولازم ردّ عدم الملازمة هو ثبوت استحقاق العذاب عند عدم البيان النقلي ، والتناقض بين اللازمين أظهر من الشمس.
وبعبارة اخرى : إن مقتضى الاستدلال بها على البراءة هو نفي التكليف المستلزم لنفي الاستحقاق ، ومقتضى الردّ على القول بعدم الملازمة ـ بما هو مذكور في المتن ـ هو نفي فعليّة التعذيب مع تسليم أصل الاستحقاق ، والتنافي بين نفي الاستحقاق وثبوته واضح.
(ويمكن دفعه : بأنّ عدم الفعليّة يكفي في هذا المقام ... إلى آخره).
ويمكن دفع التناقض عن الجمع بين الاستدلال بالآية على البراءة ، وبين ردّ الاستدلال بها على عدم الملازمة بين حكم الشرع وبين حكم العقل ، وذلك بأحد وجهين :
أحدهما : إنّ الآية وإن كانت تدل على نفي فعليّة العقاب عند عدم البيان الشرعي فقط ، والاستدلال على البراءة موقوف على نفي استحقاق العقاب ، إلّا إنّ نفي الاستحقاق يحصل عند انتفاء الفعليّة باعتراف من الخصم بالملازمة بين نفي الفعليّة ونفي الاستحقاق ، فيتمّ الاستدلال بها على البراءة باعتراف الخصم ، إلّا إنّ هذا الاستدلال جدلي لا برهاني.
ثمّ إن الاستدلال بها ـ بهذه الكيفية ـ على البراءة لا ينافي الملازمة بين حكم العقل والشرع ، لأنّ الآية لا تدل على عدمها ، وإنّما تدل على توقف فعليّة العقاب على البيان الشرعي ، وعدم كفاية العقل في ترتّب العقاب الفعلي على مخالفته ، وهذا لا ينافي ثبوت الحكم الشرعي في مورد حكم العقل بالاستحقاق ، وبذلك تحصل الملازمة بين حكم الشرع وبين حكم العقل في مرحلة الاستحقاق ، إذ لا منافاة بين الاستحقاق وعدم الفعليّة.
وحينئذ يرد الاستدلال بها على عدم الملازمة ، فقد جمع بين الاستدلال بها على البراءة ، وبين ردّ الاستدلال على عدم الملازمة من دون لزوم تناقض ، لأنّ الاستدلال على البراءة مبنيّ على نفي الاستحقاق ، وهو حاصل بالفرض واعتراف الخصم ، وردّ عدم