والإنصاف : إنّ الآية لا دلالة لها على المطلب في المقامين.
ومنها : قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ)(١) ، أي : ما يجتنبونه من الأفعال والتروك ، وظاهرها أنّه تعالى لا يخذلهم بعد هدايتهم إلى الإسلام إلّا بعد ما يبيّن لهم.
وعن الكافي وتفسير العياشي وكتاب التوحيد : (حتى يعرّفهم ما يرضيه وما يسخطه) (٢).
____________________________________
فيتمّ نفي الملازمة ، إلّا إنّ الكلام في ثبوت الإجماع.
(والإنصاف : إنّ الآية لا دلالة لها على المطلب في المقامين).
أمّا عدم دلالتها على البراءة فلأنّها واردة في مقام نفي العذاب الدنيوي ، لا الاخروي ، فلا ربط لها على البراءة ، وأمّا عدم دلالتها على نفي الملازمة فلما تقدم من أنّها تدل على نفي العذاب الفعلي ، ونفي العذاب كذلك لا ينافي استحقاقه ، وبذلك يمكن إثبات الملازمة بين حكم العقل والشرع في مرحلة الاستحقاق فقط.
و (ومنها : قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ) اي : ما يجتنبونه من الأفعال والتروك) الاستدلال بهذه الآية يتضح بعد تقديم امور :
منها : بيان شأن نزولها ، ففي مجمع البيان «قيل : مات قوم من المسلمين على الإسلام قبل أن تنزل الفرائض ، فقال المسلمون : يا رسول الله إخواننا الذين ماتوا قبل الفرائض ما منزلتهم؟ فنزل : (وَما كانَ اللهُ) الآية. وقيل في نزولها : إنّه لمّا نسخ بعض الشرائع ، وقد غاب أناس وهم يعملون بالأمر الأول إذ لم يعلموا بالأمر الثاني مثل تحويل القبلة وغير ذلك ، وقد مات الأولون على الحكم الأول ، فسئل النبيّ صلىاللهعليهوآله عن ذلك فأنزل الله الآية (٣)».
ومنها : أن يكون المراد من قوله تعالى : (لِيُضِلَ) العذاب الاخروي لا الحكم بالضلالة ، ولا الخذلان.
ومنها : أن يكون المراد بالهداية الهداية إلى الاسلام لا الهداية إلى الأحكام.
ومنها : أن يكون المراد من (ما) في قوله : (ما يَتَّقُونَ) الواجبات التي يجب الاجتناب
__________________
(١) التوبة : ١١٥.
(٢) الكافي ١ : ١٦٣ / ٥. العياشي ٢ : ١٢١ / ١٥٠. التوحيد : ٤١١ / ٤.
(٣) مجمع البيان ٥ : ٧٧.