ثمّ المراد بالرفع ما يشمل عدم التكليف مع قيام المقتضي له ، فيعمّ الدفع ولو بأن يوجّه التكليف على وجه يختصّ بالعامد ، وسيجيء بيانه.
____________________________________
أصل الإيجاد.
فالفرق بينهما هو أنّ الرفع يرد في مورد أثر المقتضي ـ بالكسر ـ على المقتضى ـ بالفتح ـ وصار موجودا ، وهذا بخلاف الدفع ، فإنّه يرد في مورد المقتضي ـ بالكسر ـ قبل تحقق المقتضى ـ بالفتح ـ فيمنع عن تحقّقه ، والجامع بينهما هو ورودهما في مورد يكون المقتضي لوجود الشيء موجودا ، غاية الأمر أنّ المقتضي في مورد الدفع يقتضي وجود الشيء ابتداء ، وفي مورد الرفع يقتضي وجود الشيء بقاء بعد تحقّقه ابتداء. فإذا اريد من الرفع ما يرد في مورد المقتضي ، لكان شاملا للدفع.
إذا عرفت هذه المقدمة يتضح لك ما أفاده المصنّف قدسسره من أنّ الرفع يعمّ الدفع ، وغرض المصنّف قدسسره من هذا الكلام هو تصحيح أن يكون الرفع في حديث الرفع بمعنى الدفع كما يظهر من كلامه حيث يقول :
(ثمّ المراد بالرفع ما يشمل عدم التكليف مع قيام المقتضي له).
فظاهر كلامه هذا أنّ الرفع يكون بمعنى الدفع ، بل يجب أن يكون بمعنى الدفع ولا يصح أن يكون بمعنى الرفع ، وذلك لأنّ الحكم المجهول في (ما لا يعلمون) لا يخلو عن أحد حالين :
أمّا موجود حال الشك وأما معدوم ، وعلى الأول يكون رفع ذلك الحكم بحديث الرفع نسخا ، وهو معلوم البطلان ، وعلى الثاني يلزم اختصاص الأحكام الشرعية بالعالمين بها ، وهو تصويب قام الإجماع على بطلانه ، وحينئذ لا مناص من أن يكون الرفع بمعنى الدفع.
وتقريب الدفع في المقام هو ما أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله :
(ولو بأن يوجّه التكليف على وجه يختصّ بالعامد).
وتوضيح هذا الكلام هو أنّ التكليف إذا كان معلوما للمكلّف كان علمه باعثا ومحرّكا لامتثاله ، وهذا يكفي فيه الجعل الأولي للتكليف ، ولا يحتاج في تنجّزه أو امتثاله إلى جعل آخر ، وأمّا في مورد الجهل والشك في التكليف فإنّه لا يصل إلى مرتبة التنجّز إلّا بجعل آخر ، وهذا الجعل الثاني يسمّى بمتمّم الجعل الأولي ، وهو في المقام عبارة عن