فإن قلت : على ما ذكرت يخرج أثر التكليف في (ما لا يعلمون) عن مورد الرواية ؛ لأنّ استحقاق العقاب أثر عقلي له مع أنّه متفرّع على المخالفة بقيد العمد ، إذ مناطه ـ أعني المعصية ـ لا يتحقق إلّا بذلك.
وأمّا نفس المؤاخذة فليست من الآثار المجعولة الشرعيّة.
____________________________________
وجوب الاحتياط ، وحينئذ تكون ملاكات الأحكام الواقعية مقتضية لجعل وجوب الاحتياط ، وقد جعل وجوب الاحتياط في الشبهات الثلاث ، أي : الفروج والدماء والأموال.
وأمّا فيما عداها من موارد الشبهة فقد دفع الشارع المقتضيات عن التأثير في وجوب الاحتياط ، أي : لم يجعله مع وجود المقتضي له ، وهو معنى الدفع ، ولازم ذلك هو اختصاص الأحكام المنجّزة في الظاهر بالعالم والعامد ، ولكن الأحكام الواقعية تبقى مشتركة بين العالم والجاهل ، وحينئذ لا يلزم التصويب ، ولا النسخ.
والحاصل أنّ المراد بالرفع هو الدفع ، وتقريبه في المقام هو : دفع تأثير الأحكام المجهولة وملاكاتها في وجوب الاحتياط ، فدفع وجوب الاحتياط مع وجود المقتضي له يكون بمعنى عدم جعله.
(فإن قلت : على ما ذكرت يخرج أثر التكليف في (ما لا يعلمون) عن مورد الرواية ؛ لأنّ استحقاق العقاب أثر عقلي له ... إلى آخره).
وحاصل الإشكال هو خروج استحقاق العقاب من حديث الرفع ، ويكون خروجه عنه بأحد وجهين :
أحدهما : إنّ استحقاق العقاب أثر عقلي ، وقد تقدّم في تقسيم الآثار أنّ حديث الرفع لا يشمل الآثار العقلية والعادية فلا ترتفع به.
وثانيهما : إنّ استحقاق العقاب يترتب على العمد ؛ لأنّه يترتب على مخالفة التكليف عمدا.
وقد تقدم في بيان أقسام الآثار أنّ الحديث لا يشمل ما يطرأ على الموضوع المقيّد بالعمد ، فلا يرتفع به استحقاق المؤاخذة والعقاب ؛ إمّا لكونه أثرا عقليا ، وإمّا لكونه أثرا يترتب على العمد.
قوله : (وأمّا نفس المؤاخذة فليست من الآثار المجعولة الشرعية) دفع لما يتوهّم من أنّ