وأمّا الوسوسة في التفكّر في الخلق ، كما في النبوي الثاني (١) ، أو التفكّر في الوسوسة فيه ، كما في الأوّل (٢) ، فهما واحد والأوّل أنسب ، ولعلّ الثاني اشتباه من الراوي ، والمراد به ـ كما قيل ـ وسوسة الشيطان للإنسان عند تفكّره في أمر الخلقة. وقد استفاضت الأخبار بالعفو عنه.
ففي صحيحة جميل بن درّاج : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّه يقع في قلبي أمر عظيم ، فقال عليهالسلام : (قل : لا إله إلّا الله) قال جميل : فكلّما وقع في قلبي شيء قلت : لا إله إلّا الله ، فذهب عني (٣).
وفي رواية حمران عن أبي عبد الله عليهالسلام ، عن الوسوسة وإن كثرت. قال عليهالسلام : (لا شيء فيها ، تقول : لا إله إلّا الله) (٤).
وفي صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام : (جاء رجل إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال : يا رسول الله إني هلكت ، فقال صلىاللهعليهوآله له : أتاك الخبيث فقال لك : من خلقك؟ فقلت : الله تعالى ، فقال : الله من خلقه؟ فقال : إي والّذي بعثك بالحق قال كذا ، فقال صلىاللهعليهوآله : ذلك والله محض الإيمان).
____________________________________
المتطيّر يعتقد بأنّ ما يتطيّر به مؤثر في الشر ، وإنّما يذهب الشرك التوكل ، ويمكن أن يكون المرفوع أثر نفس الطيرة ، لأن أثرها كان هو صدّ الناس عن الحركة إلى مقاصدهم ، فنفاه الشرع بالحكم بتحريم الطيرة ، ولكن الأوّل أنسب بالمقام كما هو واضح.
(وأمّا الوسوسة في التفكّر في الخلق كما في النبوي الثاني ، أو التفكّر في الوسوسة فيه ، كما في الأوّل ، فهما واحد والأوّل أنسب).
والوجه في كون الأول أنسب هو أن الوسوسة تكون عارضة على التفكّر دائما ، كما هو مقتضى الأوّل ، ولا معنى لعروض التفكّر على الوسوسة ، كما هو مقتضى الثاني ، فيكون الثاني حينئذ اشتباها من الراوي.
(والمراد به ـ كما قيل ـ وسوسة الشيطان للإنسان عند تفكّره في أمر الخلقة).
والمقصود بالوسوسة هو وسوسة الشيطان للإنسان عند تفكره في أمر الخلقة ، فإنّ
__________________
(١) الكافي ٢ : ٤٦٣ / ٢. الوسائل ١٥ : ٣٧٠ ، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ، ب ٥٦ ، ح ٣.
(٢) الخصال : ٤١٧ / ٩. التوحيد : ٣٥٣ / ٢٤. الوسائل ١٥ : ٣٦٩ ، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ، ب ٥٦ ، ح ١.
(٣) الكافي ٢ : ٤٢٤ / ٢.
(٤) الكافي ٢ : ٤٢٤ / ١.