ومنها : قوله عليهالسلام : (الناس في سعة ما لم يعلموا) (١).
فإنّ كلمة «ما» إمّا موصولة اضيف إليه السعة وإمّا مصدريّة ظرفيّة ، وعلى التقديرين يثبت المطلوب.
وفيه ما تقدّم في الآيات من أنّ الأخباريين لا ينكرون عدم وجوب الاحتياط على من لم
____________________________________
والثاني : أن يكون المراد منه ما بيّنه ، وأمر رسوله بتبليغه ، فبلّغه الرسول صلىاللهعليهوآله للعباد ، ولكن اختفى عليهم لأجل الحوادث الخارجية كإخفاء الظالمين والعاصين إيّاه عنهم.
إذا عرفت هذه المقدمة ، نقول : إنّ محل النزاع بين الأخباريين والاصوليين ـ حيث يقول الأول بوجوب الاحتياط والثاني بالبراءة ـ هو الاحتمال الثاني ، أي : ما بيّنه وحجب علمه عن العباد بواسطة إخفاء الظالمين ، وأمّا ما لم يبيّنه من الأول فهو مرفوع عنهم بالاتّفاق ، والظاهر من الرواية هو هذا الاحتمال الأول بقرينة نسبة الحجب إلى الله تعالى ، فتكون هذه (الرواية مساوقة لما ورد عن مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام : (إنّ الله حدّ حدودا ، فلا تعتدوها وفرض فرائض فلا تعصوها ، وسكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا لها ، فلا تتكلّفوها رحمة من الله لكم)).
(ومنها : قوله عليهالسلام : (الناس في سعة ما لم يعلموا) ، فإن كلمة «ما» إمّا موصولة اضيف إليه السعة ، وإمّا مصدرية ظرفيّة ، وعلى التقديرين يثبت المطلوب).
أي : البراءة ، لأنّ لازم السعة بحسب الفعل والترك عن التكليف غير المعلوم هو البراءة ، فالرواية تدل على البراءة على التقديرين ، أي : سواء كان أل «ما» موصولة أو مصدرية وظرفا للسعة.
فيكون مفادها على الأول : الناس في سعة التكليف الذي لا يعلمونه ، وعلى الثاني : أنهم في سعة ما داموا لا يعلمون ، ووجوب الاحتياط ينافي كونهم في السعة فينفى بالرواية ، إلّا إن السعة في صورة كون أل «ما» مصدرية يكون مقطوعا عن الإضافة ، فيكون منوّنا.
(وفيه ما تقدّم في الآيات من أنّ الأخباريين لا ينكرون عدم وجوب الاحتياط على من
__________________
(١) غوالي اللآلئ ١ : ٤٢٤ / ١٠٩.