أقول : الظاهر أنّ المراد بالشيء ليس هو خصوص المشتبه ، كاللحم المشترى ولحم الحمير على ما مثّله بهما ، إذ لا يستقيم إرجاع الضمير في (منه) إليهما ، لكن لفظة (منه) ليست في بعض النسخ ، وأيضا : الظاهر أن المراد بقوله عليهالسلام : (فيه حلال وحرام) كونه منقسما إليهما ووجود القسمين فيه بالفعل لا مردّدا بينهما ، إذ لا تقسيم مع الترديد أصلا ، لا ذهنا ولا خارجا ، وكون الشيء مقسما لحكمين ـ كما ذكره المستدل ـ لم يعلم له معنى محصّل ، خصوصا مع قوله قدسسره : «إنّه يجوز لنا ذلك» ، لأن التقسيم إلى الحكمين ـ الذي هو في الحقيقة ترديد لا تقسيم ـ أمر لازمي قهري لا جائز لنا.
وعلى ما ذكرنا فالمعنى ـ والله العالم ـ أنّ كلّ كلّي فيه قسم حلال وقسم حرام ، كمطلق لحم
____________________________________
الصدر رحمهالله.
(أقول : الظاهر أن المراد بالشيء ليس هو خصوص المشتبه كاللحم المشترى ولحم الحمير على ما مثّله بهما ، إذ لا يستقيم إرجاع الضمير في (منه) إليهما).
وملخّص ما أورده المصنّف قدسسره على تقريب الاستدلال بالرواية على البراءة هو أنّ الرواية مختصّة بالشبهة الموضوعية ، فلا تشمل الشبهة الحكمية ، حتى يستدل بها على البراءة.
وبيان ذلك : إنّ الظاهر منها هو تقسيم الشيء إلى الحلال والحرام فعلا لا احتمالا حتى تشمل الشبهة الحكمية ، فإنّ قوله عليهالسلام : (كلّ شيء فيه حلال وحرام) ظاهر في التقسيم الفعلي ، أي : وجود الحلال والحرام فيه فعلا ، إذ لا تقسيم مع الاحتمال والترديد ، وكذلك ظاهر التبعيض المستفاد من كلمة(منه) أن يكون في مرجع ضمير(منه) قسمان فعلا ليصح التبعيض لا احتمالا ، إذ لا يتصوّر التبعيض في شيء واحد فيه احتمالان ، فجعل (شيء) في قوله عليهالسلام : (كلّ شيء فيه حلال وحرام) خصوص المشتبه الخارجي المردّد بين كونه حلالا وحراما ـ كما في تقريب الاستدلال ـ يكون مخالفا لظاهر الرواية ، فلا بدّ من أن يكون المراد بالشيء ما ينقسم إلى الحلال والحرام فعلا ، كمطلق لحم الغنم المشترك بين المذكّى المحكوم بالحليّة ، وبين الميتة التي يكون حكمها هو الحرمة ، وأمّا شرب التتن فليس فيه قسمان أحدهما يكون حلالا والآخر حراما ، ولذلك تكون الرواية مختصّة بالشبهة الموضوعية.