والثاني : إنّه منقسم إليهما ويوجد النوعان فيه ؛ إمّا في نفس الأمر أو عندنا ، وهو غير جائز ، وبلزوم استعمال قوله عليهالسلام : (حتى تعرف الحرام منه بعينه) في المعنيين أيضا ، لأنّ المراد حتى تعرف من الأدلة الشرعية الحرمة إذا اريد معرفة الحكم المشتبه ، وحتى تعرف من الخارج من بيّنة أو غيرها الحرمة إذا اريد معرفة الموضوع المشتبه ، فليتأمّل» ، انتهى ، وليته أمر بالتأمّل في الإيراد الأوّل أيضا. ويمكن إرجاعه إليهما معا ، وهو الأولى ، وهذه جملة ما استدل به من الأخبار.
والإنصاف ظهور بعضها في الدلالة على عدم وجوب الاحتياط فيما لا نصّ فيه في
____________________________________
وثانيهما : قوله عليهالسلام : (حتى تعرف الحرام منه بعينه).
أمّا تقريب المورد الأوّل ، فيحتاج إلى مقدمة وهي :
إنّ قوله عليهالسلام : (فيه حلال وحرام) قد اريد منه معنيان :
أحدهما : كون الشيء قابلا لأن يتّصف بالحليّة والحرمة حتى يخرج به ما لا يقبل الحرمة ، كالأفعال الاضطرارية.
وثانيهما : كونه منقسما إلى الحلال والحرام فعلا حتى يخرج به ما علم أنّه حرام ولا حلال فيه ، أو بالعكس.
ومن ذلك يتضح لك لزوم استعمال قوله عليهالسلام : (فيه حلال وحرام) في المعنيين المذكورين ، حيث استعمل في قابليّة الاتصاف بهما والقسمة إليهما فعلا معا. وأما تقريب المورد الثاني فيكون واضحا ومبيّنا في المتن.
قوله (فليتأمّل) إشارة إلى ردّ الإيراد في كلا الموردين :
وأما عدم لزوم استعمال اللفظ في المعنيين في المورد الأوّل فهو : إنّ قوله : (فيه حلال وحرام) قد استعمل واريد منه مطلق ما فيه احتمال الحليّة والحرمة ، سواء كان من جهة قابليّة الاتصاف بهما فقط ، أو من جهة الانقسام إليهما فعلا أيضا.
وأمّا عدم لزوم استعمال اللفظ في المعنيين في المورد الثاني فواضح ؛ لأنّ المراد بقوله : (حتى تعرف) هو مطلق المعرفة ، سواء حصلت من الأدلة الشرعية أو من الخارج ، فلا يلزم استعمال اللفظ في المعنيين في كلا الموردين. هذا تمام الكلام في الاستدلال بالسنّة على البراءة.