وتحصيل الإجماع بهذا النحو من وجوه :
الأوّل : ملاحظة فتاوى العلماء في موارد الفقه.
فإنّك لا تكاد تجد من زمان المحدّثين إلى زمان أرباب التصنيف في الفتوى من يعتمد على حرمة شيء من الأفعال بمجرّد الاحتياط. نعم ، ربّما يذكرونه في طيّ الاستدلال في جميع الموارد ، حتى في الشبهة الوجوبيّة التي اعترف القائلون بالاحتياط بعدم وجوبه فيها ، ولا بأس بالإشارة إلى من وجدنا في كلماتهم ما هو ظاهر في هذا القول.
فمنهم ثقة الاسلام الكلينى رحمهالله حيث صرّح في ديباجة الكافي بـ : «أنّ الحكم فيما اختلفت فيه الأخبار التخيير».
____________________________________
(وتحصيل الإجماع بهذا النحو من وجوه).
ويذكر الوجوه الثلاثة لطريق العلم بالقسم الثاني ؛ لأنّ هذا القسم شامل للإجماع القولي والعملي.
ثمّ إنّ القولي على قسمين : إمّا محصّل ، أو منقول.
وملخّص الوجه الأوّل وهو الإجماع المحصّل ، أنّه إذا لاحظنا فتاوى العلماء في الفقه والاصول من زمان المحدّثين ، وهم أصحاب الأئمة عليهمالسلام إلى أرباب التصنيف ، وهم المجتهدون قدسسرهم ، لما وجدنا من يعتمد على حرمة الشيء من الأفعال بمجرد الاحتياط.
نعم ، ربّما يذكرون الاحتياط من باب التأييد في طيّ الاستدلال في جميع الموارد حتى في مورد الشبهة الوجوبيّة التي لا يقول بوجوب الاحتياط فيها الأخباريون فضلا عن المجتهدين ، ثمّ يذكر المصنّف قدسسره من يظهر منه القول بعدم وجوب الاحتياط واحدا واحدا حيث يقول :
(فمنهم ثقة الإسلام الكليني).
وملخّص ما يظهر منه قدسسره هو أنّه صرح في باب تعارض الأخبار بأنّ الحكم هو التخيير ، ولم يقل بوجوب الاحتياط مع ورود الأخبار بوجوب الاحتياط في باب تعارض الخبرين كقوله عليهالسلام : (خذ بما فيه الحائطة لدينك واترك ما خالف الاحتياط) (١) الحديث.
__________________
(١) غوالي اللآلئ ٤ : ١٣٣ / ٢٢٩.