الثالث : الإجماع العملي الكاشف عن رضاء المعصوم.
فإنّ سيرة المسلمين من أوّل الشريعة ، بل في كلّ شريعة ، على عدم الالتزام والإلزام بترك ما يحتمل ورود النهي عنه من الشارع بعد الفحص وعدم الوجدان ، وأنّ طريقة الشارع كانت تبليغ المحرّمات دون المباحات وليس ذلك إلّا لعدم احتياج الرخصة في الفعل إلى البيان وكفاية عدم النهي فيها.
قال المحقّق رحمهالله على ما حكي عنه :
«إنّ الشرائع كافّة لا يخطّئون من بادر إلى تناول شيء من المشتهيات ، سواء علم الإذن
____________________________________
بالأصل» أي : البراءة «حتى يثبت الناقل» أي : المانع «ولم يثبت المنع عن إزالة النجاسة بالمائعات المضافة».
وكلامه هذا في توجيه نسبة السيّد يكون جوابا عمّا أورد على النسبة المذكورة ، من أنّه كيف نسب السيّد ذلك الحكم إلى الإماميّة ، ولم يذهب إليه أحد ، ولم يدل عليه دليل! مع أن مقتضى القاعدة هو استصحاب النجاسة ، والاشتغال بالعبادة؟! فالمستفاد من هذا التوجيه أن الرجوع إلى أصل الإباحة عند المحقّق قدسسره يكون إجماعيا.
وأمّا الشهرة فهي متحقّقة قطعا.
(الثالث : الإجماع العملي الكاشف عن رضاء المعصوم عليهالسلام ... إلى آخره).
والثالث من الوجوه الثلاثة : هي السيرة التي تسمّى بالإجماع العملي الكاشف عن رضاء المعصوم عليهالسلام ، إذ لم يردع المسلمين عن العمل بالبراءة ، فسيرة المسلمين قد جرت على عدم الالتزام والإلزام بترك ما يحتمل ورود النهي عنه من الشارع بعد الفحص وعدم الوجدان ، والشارع لم يمنعهم عن هذه الطريقة ، بل طريقة الشارع مؤيّدة لهذه الطريقة ، حيث كانت تبليغ المحرمات دون المباحات ؛ وبذلك يكون المستفاد منها هو أن ما يحتاج إلى البيان هو المحرّم ، والرخصة والإباحة غير محتاج إلى البيان ، فيحكم بإباحة الأشياء ما لم يرد النهي فيها من قبل الشارع.
وهكذا يؤيّد هذا الإجماع العملي ما حكي عن المحقّق قدسسره : بأن أهل الشرائع كافة لا يخطّئون من بادر إلى تناول شيء من المشتهيات ، وإن لم يعلم الإذن من الشرع ، ولا يوجبون عليه أن يعلم التنصيص على الإباحة عند تناول شيء من المأكول والمشروب ،