فلا يرد على الاستدلال أنّ التوقّف في الحكم الواقعي مسلّم عند كلا الفريقين ، والإفتاء بالحكم الظاهري منعا أو ترخيصا مشترك كذلك ، والتوقّف في العمل لا معنى له.
فنذكر بعض تلك الأخبار تيمّنا.
____________________________________
أشار إليها المصنّف قدسسره بقوله : لا تحصى كثرة ، ثمّ يذكر عدّة منها واحدة واحدة.
وتقريب الاستدلال بهذه الطائفة مبنيّ على أمرين :
أحدهما : أن لا يكون المراد بلفظ الخير المذكور في كثير من هذه الأخبار التفضيل ، وهو كذلك ، إذ لا خير في مقابله ، وهو الاقتحام في التهلكة.
وثانيهما : أن يكون المراد بالتوقّف التوقّف العملي ، أي : مطلق السكون وعدم المضي في ارتكاب الفعل دون التوقّف في مقام القول ، وذلك لأنّه مسلّم عند الفريقين بالنسبة إلى الحكم الواقعي ، فبعد ثبوت الأمرين يكون مفاد هذه الأخبار هو وجوب الاحتياط ، لأنّه المراد من التوقّف عند الشبهة التحريميّة ، فإنّ التوقّف المطلق ظاهر في السكون وعدم المضي ، فيكون كناية عن عدم الحركة بارتكاب الفعل.
والحاصل أنّ المراد بالتوقّف هو التوقّف العملي لا القولي ، ويتفرّع عليه قوله : (فلا يرد على الاستدلال أنّ التوقّف في الحكم الواقعي مسلّم عند كلا الفريقين ، والافتاء بالحكم الظاهري منعا أو ترخيصا مشترك كذلك ، والتوقّف في العمل لا معنى له).
هذا الإشكال نسب إلى صاحب القوانين قدسسره ، حيث أجاب به عن الاستدلال بأخبار التوقّف على وجوب التوقّف والاحتياط.
وملخّص الإشكال : إنّ المراد بالتوقّف لا يخلو عن أحد معان :
منها : أن يكون المراد به التوقّف عن الحكم الواقعي ، بمعنى عدم الإفتاء بالإباحة الواقعيّة ، ولا بالحرمة الواقعيّة ، والتوقّف بهذا المعنى مشترك بين الاصولي والأخباري ، إذ كلاهما متوقّفان عن الإفتاء بالحكم الواقعي ، فلا يصحّ الاستدلال بهذه الأخبار على إثبات التوقّف عند الأخباري فقط.
ومنها : أن يكون المراد هو التوقّف عن الإفتاء بالحكم الظاهري ، والتوقّف بهذا المعنى لم يتحقّق في المقام عند كلا الفريقين ، إذ لم يتوقّفا في الإفتاء بالحكم الظاهري ، بل أفتى الاصولي بالترخيص ، والأخباري بالمنع ، فلا يصح الاستدلال بهذه الأخبار على وجوب