والجواب : إنّ بعض هذه الأخبار مختصّ بما إذا كان المضيّ في الشبهة اقتحاما في التهلكة ،
____________________________________
الروايات التي استدل بها على وجوب التوقّف عند الشبهة.
وقد اجيب عن الاستدلال المذكور بأجوبة مختلفة ، وقد تقدّم الاثنان منها بعنوان الإيراد على الاستدلال بهذه الأخبار على وجوب التوقّف.
والثالث : ما صرّح به المصنّف قدسسره بقوله :
(والجواب : إنّ بعض هذه الأخبار مختصّ بما إذا كان المضي في الشبهة اقتحاما في التهلكة).
وتوضيح هذا الجواب هو أنّ هذه الأخبار تنقسم إلى قسمين من جهة الدلالة :
قسم منها : ما يدل على وجوب التوقّف.
وقسم منها : ما لا يدل إلّا على الاستحباب.
فالقسم الثاني : مثل قوله عليهالسلام : (أورع الناس من توقّف عند الشبهة) (١) ـ مثلا ـ خارج عن المقام ، وذلك لأنّ الأخباري يقول بوجوب التوقّف والاحتياط لا بالاستحباب.
وأمّا القسم الأوّل مثل المقبولة وموثّقة حمزة بن طيار وأمثالهما فإنّه وإن كان ظاهرا في الوجوب فيدلّ على وجوب التوقّف ، إلّا إنّه ـ أيضا ـ خارج عن المقام بأحد وجوه ، كما أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله :
(إنّ بعض هذه الأخبار مختصّ بما إذا كان المضيّ في الشبهة اقتحاما في التهلكة ولا يكون ذلك إلّا مع عدم معذوريّة الفاعل ... إلى آخره).
والوجوه هي :
الوجه الأوّل : أن يكون الوجوب المستفاد من بعض هذه الأخبار إرشاديا ، أي : إرشادا إلى ما حكم به العقل مع قطع النظر عن هذه الأخبار من الملازمة بين عدم التوقّف والهلكة بمعنى العقاب ، ومحل النزاع هو كون الأمر بالتوقّف مولويّا لا إرشاديا ، فيكون خارجا عن المقام ، كما سيأتي في الجواب الرابع.
والوجه الثاني : أن يكون بعض ما يدلّ على وجوب التوقّف مختصّا بالشبهات المقرونة
__________________
(١) الخصال ١ : ١٦ / ٥٦. الوسائل ٢٧ : ١٦٥ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٣٨.