وملخّص الجواب عن تلك الأخبار : إنّه لا ينبغي الشكّ في كون الأمر فيها للإرشاد ، من قبيل أوامر الأطباء المقصود منها عدم الوقوع في المضار ، إذ قد تبيّن فيها حكمة طلب التوقّف.
____________________________________
قوله عليهالسلام : (من اتّقى المشتبهات فقد استبرأ لدينه) أي : فقد نزّه دينه عن ارتكاب الحرام ، إذا كان حرف الدال مكسورا ، أو فقد أبرأ ذمّته من المحرمات التي هي دين في الذمّة ، إذا كان مفتوحا.
ومن الواضح أن تنزيه الدين ، أو إبراء الذمّة عن الحرام غير المعلوم لا دليل على وجوبه ، كما في شرح الاعتمادي.
(وملخّص الجواب عن تلك الأخبار : إنّه لا ينبغي الشك في كون الأمر فيها للإرشاد ... إلى آخره).
هذا هو الجواب الرابع عن الاستدلال بأخبار التوقّف على وجوب التوقّف عند الشبهة ، وحاصل هذا الجواب الذي اختاره المصنّف قدسسره هو :
إنّ الطلب المستفاد من جميع أخبار التوقّف يحمل على الطلب الإرشادي المشترك بين الوجوب والندب ، بمعنى : إن ما يحتمل من الهلكة إن كان عقابا اخرويّا كان الاحتراز عنه واجبا عقلا وشرعا ، فيكون الأمر بالتوقّف للإرشاد الوجوبي ، وإن كان غيره ، لكان الاحتراز عنه مستحبّا ، فيكون الأمر الإرشادي للاستحباب ، وعلى التقديرين لا ينفع للأخباري ، فإنه يقول بالوجوب النفسي المولوي لا الإرشادي ، وكون الطلب في هذه الأخبار للقدر المشترك بين الوجوب والندب لا ينافي ما تقدّم في الجواب الثالث من دلالة بعض هذه الأخبار على الوجوب بالخصوص ، وبعضها على الاستحباب كذلك ، لأنّ الدلالة على الخصوصية المذكورة تكون بملاحظة اخرى ، وهي القرينة الخارجيّة ، وأمّا كون الأمر والطلب فيها للإرشاد فبملاحظة تعليل التوقّف بكونه خيرا من الاقتحام في الهلكة ، وظاهر هذا التعليل هو كون الهلكة مفروضة التحقّق مع قطع النظر عن هذه الأخبار ، وبذلك لا يمكن أن تكون الهلكة مترتّبة على نفس وجوب التوقّف المتأخّر عن احتمال الهلكة ، فلا يكون وجوب التوقّف مولويّا حتى يعاقب على مخالفته ، ويثاب على موافقته.