وأمّا ما ذكره من الرجوع إلى التخيير مع التكافؤ فيمكن للخصم منع التكافؤ ، لأنّ أخبار الاحتياط مخالفة للعامّة ، لاتّفاقهم ـ كما قيل ـ على البراءة ومنع التخيير على تقدير التكافؤ ، لأنّ الحكم في تعارض النصّين الاحتياط مع أنّ التخيير لا يضرّه ، لأنّه يختار أدلّة وجوب الاحتراز عن الشبهات.
ومنها : إنّ أخبار البراءة أخصّ ، لاختصاصها بمجهول الحليّة والحرمة ، وأخبار التوقّف تشمل كلّ شبهة فتخصّص بأخبار البراءة.
وفيه : ما تقدّم ، من أنّ أكثر أدلّة البراءة بالإضافة إلى هذه الأخبار من قبيل الأصل والدليل.
____________________________________
وجود الدليل على وجوبه ، فيكون بيانا رافعا لموضوع البراءة كما تقدّم.
(وأمّا ما ذكره من الرجوع إلى التخيير مع التكافؤ) فمردود من وجوه :
أولا : لمنع التكافؤ ، لرجحان أخبار التوقّف على أخبار البراءة ، وذلك لكونها مخالفة للعامة ، وأخبار البراءة موافقة لهم ، لاتّفاقهم على البراءة والمخالفة للعامّة تكون من المرجّحات.
وثانيا : لمنع التخيير على فرض التكافؤ ، لأنّ الحكم في باب التعارض عند بعض هو الأخذ بما وافق الاحتياط ، والاحتياط موافق لأخبار التوقّف.
ثالثا : فلأنّ التخيير لا يضرّ الخصم ، لأنّه يختار أدلّة وجوب التوقّف ، فيجب الاجتناب والاحتراز عن الشبهات.
(ومنها : إنّ أخبار البراءة أخصّ ، لاختصاصها بمجهول الحليّة والحرمة ، وأخبار التوقّف تشمل كل شبهة فتخصّص بأخبار البراءة).
وحاصل هذا الجواب العاشر هو أنّ أخبار البراءة أخصّ من أخبار التوقّف وذلك لاختصاص الأوّل بالشبهة الحكميّة التحريميّة ، والثاني يشمل كل شبهة تحريميّة كانت ، أو وجوبيّة حكميّة كانت ، أو موضوعيّة اعتقاديّة كانت ، أو غيرها. ومقتضى القاعدة في العام والخاص هو تخصيص العام بالخاص ، فحينئذ تخصّص أخبار التوقّف بأخبار البراءة بإخراج الشبهة التحريميّة الحكميّة منها ، فيعمل بأخبار التوقّف في غير الشبهة التحريميّة.
(وفيه : ما تقدّم من أنّ أكثر أدلّة البراءة بالإضافة إلى هذه الأخبار من قبيل الأصل