والجواب : أمّا عن الصحيحة (١) ، فبعدم الدلالة ، لأنّ المشار إليه في قوله عليهالسلام : (بمثل هذا) إمّا نفس واقعة الصيد ، وإمّا أن يكون السؤال عن حكمها.
وعلى الأوّل : فإن جعلنا المورد من قبيل الشكّ في التكليف ، بمعنى : إنّ وجوب نصف الجزاء على كلّ واحد متيقّن ويشكّ في وجوب النصف الآخر عليه ، فيكون من قبيل وجوب
____________________________________
(والجواب : أمّا عن الصحيحة فبعدم الدلالة ... إلى آخره) وعدم دلالتها على وجوب الاحتياط في المقام أي : في الشبهة الحكميّة التحريميّة ، يتضح بعد ذكر مقدمة وهي :
إنّ المشار إليه في قوله عليهالسلام : (بمثل هذا) لا يخلو عن أحد أمرين :
أحدهما : أن يكون المشار إليه نفس واقعة الصيد المشكوك فيها ، بحيث يكون دوران الأمر فيها بين الأقل وهو النصف والأكثر وهو النصفان ، فيكون مفاد الرواية حينئذ : إذا ابتليتم بمثل هذه الواقعة التي يدور الأمر فيها بين الأقل والأكثر ، فعليكم الاحتياط ... إلى آخره.
وثانيهما : أن يكون المشار إليه هو السؤال عن حكمها ، فيكون مفادها حينئذ : إذا ابتليتم بمثل هذا السؤال في مسألة لا تدرون حكمها ، كما لا تدرون حكم هذه المسألة ، فعليكم بالاحتياط ... إلى آخره.
وبهذا البيان يتضح لك أنّ الصحيحة أجنبية عن الدلالة بوجوب الاحتياط في الشبهة التحريميّة على كلا التقديرين.
وأمّا على التقدير الأوّل بأن يكون المشار إليه نفس واقعة الصيد ، فعدم الدلالة يتضح بعد مقدمة ، وهي : إنّ واقعة الصيد يدور أمرها بين الأقل والأكثر ، ثمّ دوران الأمر بين الأقل والأكثر يكون على قسمين :
أحدهما : دوران الأمر بين الأقل والأكثر الاستقلاليين ، بأن يكون الأقل واجبا مستقلّا ولو على تقدير وجوب الأكثر في الواقع ، فيسقط التكليف لو أتى به بالنسبة إليه ، كدوران ما في الذمّة من الدّين بين دينار ودينارين ، فتبرأ الذمّة بدفع دينار بالنسبة إلى الدينار الواحد ، ويكون الشكّ فيه شكّا في أصل التكليف بالنسبة إلى الزائد.
__________________
(١) الكافي ٤ : ٣٩١ / ١. الوسائل ٢٧ : ١٥٤ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ١.