والحاصل أنّ الناظر في الرواية يقطع بأنّ الشاذّ ممّا فيه الريب فيجب طرحه وهو الأمر المشكل الذي أوجب الإمام ردّه إلى الله ورسوله صلىاللهعليهوآله.
فيعلم من ذلك كلّه أنّ الاستشهاد بقول رسول الله صلىاللهعليهوآله في التثليث لا يستقيم إلّا مع وجوب الاجتناب عن الشبهات ، مضافا إلى دلالة قوله : (نجى من المحرّمات) ، بناء على أنّ
____________________________________
هو ثلاثة امور ، لا بدّ من توضيح كل واحدة منها فنقول :
أمّا الأمر الأوّل : وهو عدم صحّة تأخير الترجيح بالشهرة على الترجيح بالصفات ؛ فلأنّ الشهرة ـ حينئذ ـ تكون من المرجّحات القطعيّة ، والصفات كالأعدليّة والأصدقيّة والأورعيّة تكون من المرجّحات الظنّية فيلزم أنّه لا يجوز تقديم المرجّح القطعي على المرجّح الظنّي وهو باطل.
وأمّا الأمر الثاني : وهو فرض الراوي الشهرة في كلا الخبرين ؛ فلأنّ الخبرين المشهورين يكونان قطعيين على الفرض ، ولا يعقل التعارض بين الدليلين القطعيّين من جميع الجهات ، فيكون فرض الشهرة في الخبرين المتعارضين باطلا.
وأمّا الأمر الثالث : وهو عدم صحة التثليث ، وعدم صحة الاستشهاد به ؛ فلأنّ الشاذ ـ حينئذ ـ يكون مقطوع البطلان ، فيجب طرحه من دون حاجة إلى تثليث الامور ، والاستشهاد به على ذلك.
فيعلم من ذلك كلّه أنّ الاستشهاد بقول رسول الله صلىاللهعليهوآله في التثليث لا يستقيم إلّا مع وجوب الاحتياط والاجتناب عن الشبهات.
وتوضيح ذلك : إنّ الإمام عليهالسلام استشهد على وجوب طرح الشاذّ ، لكونه من الشبهات ، فلا بدّ أن تكون الشبهات ممّا يجب الاجتناب عنه ، إذ لو لم يكن الاجتناب عنها واجبا ، بأن لا يدلّ كلام الرسول صلىاللهعليهوآله على وجوب ترك الشبهة لما صحّ الاستشهاد بكلام الرسول صلىاللهعليهوآله على وجوب طرح الشاذّ.
ثمّ يذكر المصنّف قدسسره ما يدلّ على وجوب الاجتناب عن الشبهات من القرائن في التثليث النبوي :
اولاها : قوله صلىاللهعليهوآله : ((نجى من المحرّمات) بناء على أنّ تخلّص النفس من المحرمات واجب).