الدليل العقلي على الاحتياط
وأمّا العقل فتقريره بوجهين :
أحدهما : إنّا نعلم إجمالا قبل مراجعة الأدلّة الشرعيّة بمحرّمات كثيرة يجب ـ بمقتضى
____________________________________
(وأمّا العقل فتقريره بوجهين :).
ولمّا فرغ المصنّف قدسسره من وجوب الاحتياط شرعا بالأدلّة النقليّة بدأ الاستدلال على وجوبه عقلا بالدليل العقلي ، والقسم الأوّل يسمّى بالاحتياط الشرعي ، والثاني بالعقلي ، وذكر المصنّف قدسسره تقرير العقل بوجهين :
والاستدلال بالوجه الأوّل المسمّى بقاعدة الاشتغال على وجوب الاحتياط مبني على امور :
منها : أن يكون الاستدلال المذكور من باب الجدل ، وإلّا فالعقل ليس بحجّة عند الأخباريين كما تقدّم في بحث القطع ، إلّا أن يكون المراد بالعقل هو الفطري الضروري النظري المؤيّد بالنقل ، كما تقدّم تفصيله في القطع.
ومنها : أن يكون العلم الإجمالي كالعلم التفصيلي منجّزا للتكليف حتى يثبت به الاشتغال اليقيني الذي يقتضي البراءة اليقينيّة ، ليكون الاجتناب واجبا عن جميع أطراف العلم الإجمالي تحصيلا للبراءة اليقينيّة ، وذلك بأن تكون الشبهة شبهة محصورة ، كالعلم إجمالا بحرمة مائة شاة من ألف شاة ، ومن المعلوم أنّ نسبة المائة إلى الألف تكون مثل نسبة الواحد إلى العشرة ، فتكون الشبهة محصورة من باب شبهة الكثير في الكثير ، كما أنّ العلم الإجمالي بحرمة الواحد من العشرة شبهة محصورة من باب شبهة القليل في القليل ، وبأن لا يكون بعض أطراف العلم الإجمالي خارجا عن محل الابتلاء ، وإلّا فلم يكن العلم الإجمالي منجّزا ، كما لا يخفى.
ومنها : أن لا يكفي الظنّ المعتبر بالخروج عن عهدة التكليف ، بل لا بدّ من العلم بالخروج عن عهدة التكليف ؛ لأنّ الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينيّة عقلا ، ونتيجة هذه الامور هي وجوب الاحتياط ، بأن يترك المكلّف كلّ ما يحتمل حرمته ؛ لأنّ البراءة