فأصالة الحلّ في البعض الآخر غير معارضة بالمثل ، سواء كان ذلك الدليل سابقا على العلم الإجمالي ، كما إذا علم نجاسة أحد الإنائين تفصيلا ، فوقع قذرة في أحدهما المجهول ، فإنّه لا يجب الاجتناب عن الآخر ، لأن حرمة أحدهما معلومة تفصيلا ، أم كان لاحقا كما في مثال الغنم المذكور فإنّ العلم الإجمالي غير ثابت بعد العلم التفصيلي بحرمة بعضها بواسطة وجوب العمل بالبيّنة ـ وسيجيء توضيحه إن شاء الله تعالى ـ وما نحن فيه من هذا القبيل.
____________________________________
بوقوع مقدار من البول في أحدهما.
ثمّ إن الوجه على هذا الاشتراط في تنجّز التكليف بالعلم الإجمالي على ما يظهر من المصنّف قدسسره في المتن هو أن العلم الإجمالي موجب لتنجّز التكليف لو لا المانع ، والمانع هو الأصل ، ففي المثال الأوّل يكون المانع مفقودا ، إذ الأصل في كل واحد من الإناءين يكون معارضا بالأصل في الآخر ، مثلا : أصالة الطهارة في كلّ واحد منهما معارضة بأصالة الطهارة في الآخر ، فيؤثّر العلم الإجمالي في تنجّز التكليف بعد سقوط الأصلين بالتعارض.
وهذا بخلاف المثال الثاني والثالث ، حيث يكون التكليف في أحد الطرفين منجّزا قبل العلم الإجمالي فلا يجري الأصل فيه ، ويجري في الطرف الآخر بلا معارض ، فلا يؤثّر العلم الإجمالي في تنجّز التكليف ، لوجود المانع وهو الأصل ، كما أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله :
(فأصالة الحلّ في البعض الآخر غير معارضة بالمثل سواء كان ذلك الدليل) الموجب لتنجّز التكليف سابقا على العلم الإجمالي كالمثال الثاني ، أو لاحقا كما في مثال الغنم ، فإنّ العلم الإجمالي بحرمة البعض يكون قبل قيام البيّنة على تعيين حرمة البعض.
(وما نحن فيه من هذا القبيل).
أي : من قبيل مثال الغنم حيث يكون الدليل الدالّ على تنجّز التكليف في بعض الأطراف ، وهي الأمارات بعد العلم الإجمالي بالمحرّمات الواقعية ، فالدليل في المقام ، وإن كان بعد العلم الإجمالي بالمحرّمات ، لكن هذا الدليل كاشف عن ثبوت حرمة ما دلّ على تحريمه قبل العلم الإجمالي ؛ لأنّ ما أتى به النبيّ صلىاللهعليهوآله لم ينسخ ولم يتغيّر ، فالظفر بالأمارات