والحاصل أنّه لا ينبغي الشكّ في أنّ بناء المحقّق رحمهالله على التمسّك بالبراءة الأصليّة مع الشكّ في الحرمة ، كما يظهر من تتبّع فتاويه في المعتبر.
الثاني : مقتضى الأدلّة المتقدّمة كون الحكم الظاهري في الفعل المشتبه الحكم هي الإباحة من غير ملاحظة الظنّ بعدم تحريمه في الواقع.
فهذا الأصل يفيد القطع بعدم اشتغال الذمّة ، لا الظنّ بعدم الحكم واقعا ، ولو
____________________________________
كما في شرح الاعتمادي فراجع.
(والحاصل أنّه لا ينبغي الشكّ في أنّ بناء المحقّق رحمهالله على التمسّك بالبراءة الأصليّة) ليس على التمسّك بالظنّ الحاصل من عدم الدليل المختصّ بما يعمّ به البلوى ، بل بناؤه على التمسّك بالبراءة الأصليّة فقط مع الشكّ في الحرمة.
فلا فرق فيه بين عامّ البلوى وغيره ، وحينئذ لا تصحّ نسبة التفصيل إليه.
(الثاني : مقتضى الأدلّة المتقدّمة كون الحكم الظاهري في الفعل المشتبه الحكم هي الإباحة من غير ملاحظة الظنّ بعدم تحريمه في الواقع. فهذا الأصل يفيد القطع بعدم اشتغال الذمّة ، لا الظنّ بعدم الحكم واقعا ... إلى آخره).
وغرض المصنّف قدسسره من ذكر هذا الأمر الثاني هو ردّ من يقول بكون أصالة البراءة من الأمارات ، فتكون حجيّتها من باب الظنّ بعدم الحكم واقعا ، كما يظهر من جماعة ، منهم صاحب المعالم والشيخ البهائي قدسسرهما فيقول المصنّف قدسسره ردّا لهذا التوهم بما حاصله : من أنّ مقتضى أدلّة البراءة المتقدّمة هي الإباحة الظاهريّة بمعنى عدم المنع الشرعي ، ونفي العقاب على المخالفة إن اتّفقت ، لا بمعنى الإباحة الخاصّة التي هي أحد الأحكام الخمسة حتى يقال : إنّه مقتضى بعض الأدلّة المتقدّمة لا جميعها وهو قوله عليهالسلام : (كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي) (١) وقوله عليهالسلام : (كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه) (٢).
فلا بدّ ـ حينئذ ـ من تقدير كلمة «بعض» في كلام المصنّف قدسسره لتكون العبارة : مقتضى بعض الأدلّة المتقدّمة هي الإباحة.
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٠٨ / ٩٣٧. الوسائل ٢٧ : ١٧٤ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٦٧.
(٢) الفقيه ٣ : ٢١٦ / ١٠٠٢. التهذيب ٩ : ٧٩ / ٣٣٧. الوسائل ١٧ : ٨٨ ، أبواب ما يكتسب به ، ب ٤ ، ح ١.