السادس : حكي عن بعض الأخباريّين كلام لا يخلو إيراده عن فائدة وهو :
«إنّه هل يجوّز أحد أن يقف عبد من عباد الله ، فيقال له : بما كنت تعمل في الأحكام الشرعيّة؟ فيقول : كنت أعمل بقول المعصوم واقتفي أثره وما يثبت من المعلوم. فإن اشتبه عليّ شيء عملت بالاحتياط. أفيزلّ قدم هذا العبد عن الصراط ويقابل بالإهانة والاحباط فيؤمر به إلى النار ويحرم مرافقة الأبرار؟ هيهات هيهات أن يكون أهل التسامح والتساهل في الدين في الجنّة خالدين وأهل الاحتياط في النار معذّبين!» ، انتهى كلامه.
أقول : لا يخفى على العوام فضلا عن غيرهم أنّ أحدا لا يقول بحرمة الاحتياط ولا ينكر حسنه وأنّه سبيل النجاة ، وأمّا الإفتاء بوجوب الاحتياط فلا إشكال في أنّه غير مطابق للاحتياط ؛ لاحتمال حرمته ، فإن ثبت وجوب الإفتاء فالأمر يدور بين الوجوب والتحريم ،
____________________________________
(فتدبّر) ويمكن أن يكون الوجه في الأمر بالتدبّر هو أنّه لو سلّمنا كون الطيّب أمرا عدميّا كذلك لم ينفع استصحاب عدم القذارة في المقام ؛ وذلك لأنّه إن اريد به إثبات عدم قذارة هذا الفرد المشكوك يكون الأصل مثبتا ، والأصل المثبت ليس بحجّة ، ومع عدم إثبات قذارته لا يكون مفيدا هذا كما في التنكابني.
وأما ما ذكره الاستاذ الاعتمادي فحاصله : إنّ كون المشكوك طيّبا لا يحرز بالأصل ، سواء قلنا : بأنّه أمر وجودي مضاد للخباثة ، أو قلنا : بأنّه أمر عدمي مناقض للخباثة.
أمّا على الأوّل فلعدم الحالة السابقة للطيّبيّة ، كعدم وجود الحالة السابقة للخباثة.
وأما على الثاني فلعدم حجيّة استصحاب العدم الأزلي ، فالحقّ في الجواب هو الوجه الأوّل والثاني.
(السادس : حكي عن بعض الأخباريّين كلام لا يخلو إيراده عن فائدة ... إلى آخره).
بعض الأخباريّين هو السيد الجزائري.
وحاصل كلامه : هو أنّه هل يمكن أن يعاقب عبد من عباد الله وهو يقول في موقف الحساب في الجواب : ـ إذا سئل عنه بما كنت تعمل في الأحكام الشرعية؟ ـ كنت أعمل بقول المعصوم عليهالسلام فيما إذا وجدناه ، وبالاحتياط فيما إذا اشتبه الحكم علينا. والاستفهام إنكاري أي : لا يعقل أن يعاقب من عمل بالاحتياط ، ولا يزل قدمه عن الصراط ، ولا يقابل بالإهانة والاحباط ، بأن يؤمر به إلى النار ، ويحرم مرافقة الأبرار ، بخلاف تارك الاحتياط