واستدلّ العلّامة رحمهالله في التذكرة على ذلك برواية مسعدة بن صدقة :
(كلّ شيء لك حلال حتى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك ، وذلك مثل الثوب يكون عليك ولعلّه سرقة ، أو العبد يكون عندك لعلّه حر قد باع نفسه ، أو قهر فبيع ، أو خدع فبيع ، أو امرأة تحتك وهي اختك أو رضيعتك ، والأشياء كلّها على هذا حتى يستبين لك غير هذا أو تقوم به البيّنة) (١).
وتبعه عليه جماعة من المتأخّرين ، ولا إشكال في ظهور صدرها في المدّعى إلّا إنّ الأمثلة المذكورة فيها ليس الحلّ فيها مستندا إلى أصالة الحلّيّة ، فإنّ الثوب والعبد إن لوحظا باعتبار اليد عليهما حكم بحلّ التصرف فيهما لأجل اليد ، وإن لوحظا مع قطع النظر عن اليد كان الأصل فيهما حرمة التصرف ، لأصالة بقاء الثوب على ملك الغير وأصالة الحريّة في الإنسان المشكوك في رقيّته ، وكذا الزوجة إن لوحظ فيها أصل عدم تحقّق النسب
____________________________________
وأما الرواية الثانية فهي مختصّة بالشبهة الموضوعيّة ، بقرينة ظهورها في التقسيم الفعلي الخارجي ، كما تقدّم ذلك في أدلّة القائلين بالبراءة ، حيث قال المصنّف قدسسره هناك : فالرواية مختصّة بالشبهة في الموضوع ، وهذا واضح ، وإنّما الكلام في رواية مسعدة بن صدقة حيث استدل العلّامة قدسسره بها على البراءة ، وهي قول أبي عبد الله عليهالسلام :
((كلّ شيء لك حلال حتى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك ، وذلك مثل الثوب يكون عليك ولعلّه سرقة ، أو العبد يكون عندك لعلّه حر قد باع نفسه ، أو قهر فبيع ، أو خدع فبيع ، أو امرأة تحتك وهي اختك أو رضيعتك ، والأشياء كلّها على هذا حتى يستبين لك غير هذا ، أو تقوم به البيّنة) ... إلى آخره).
ثمّ إن هذه الرواية ، وإن كانت مختصّة بالشبهة الموضوعيّة ـ لأنّ الأمثلة المذكورة فيها كلّها من قبيل الشبهة الموضوعيّة ، بالإضافة إلى أن قوله عليهالسلام : (أو تقوم به البيّنة) قرينة على إرادة خصوص الشبهة الموضوعيّة ، بناء على أن يكون المراد منها هو البيّنة المصطلحة ، لاختصاصها بالموضوعات ـ إلّا إنّ الحلّية فيها ليست مستندة إلى أصالة البراءة ، بل إنّها في مثال الثوب والعبد مستندة إلى اليد ، وهي من الأمارات ، وفي مثال
__________________
(١) الكافي ٥ : ٣١٣ / ٤٠. الوسائل ١٧ : ٨٩ ، أبواب ما يكتسب به ، ب ٤ ، ح ٤.