وثانيا : بالحلّ وهو أنّ الممتنع هو توقف فردية بعض أفراد العام على إثبات الحكم لبعضها الآخر ، كما في قول القائل : كل خبري صادق أو كاذب.
____________________________________
(وثانيا : بالحلّ وهو أنّ الممتنع هو توقف فردية بعض أفراد العام على إثبات الحكم لبعضها الآخر).
وتوضيح كلام المصنّف رحمهالله يحتاج إلى مقدمة ، وهي :
إنّ ثبوت الحكم لفرد من العام ، تارة يكون واسطة في الثبوت لفرد آخر منه ، واخرى واسطة في الإثبات.
والأول كقول القائل بعد إخباره بألف خبر : كل خبري صادق ، وخبره الأخير يكون واحدا بعد الألف يحكم به بصدق كل ما أخبره. فيشمل هذا الحكم جميع ما أخبر به قبل هذا الخبر من ألف خبر ، ولا يشمل نفسه ؛ لأن الحكم فيه وهو (صادق) يكون واسطة في الثبوت لهذا الخبر ، أي : يكون علّة له ، إذ الخبر يكون مركّبا من الموضوع والمحمول ، ولا يتحقّق إلّا بهما ، فلا يتحقّق هذا الخبر إلّا بعد ضمّ المحمول وهو (صادق) إلى الموضوع وهو (كل خبري) ، ولا يشمل الحكم في هذا الخبر نفس هذا الخبر لما تقدّم من محذور لزوم تقدّم الشيء على نفسه.
ثمّ القسم الثاني وهو ما إذا كان الحكم لبعض الأفراد واسطة في الإثبات لفرد آخر ـ كما نحن فيه ـ لكان شاملا للفرد الآخر أيضا.
إذا عرفت هذه المقدمة ، فنقول :
إنّ ثبوت الحكم لخبر الشيخ يكون سببا للعلم بفردية خبر المفيد من دون أن يكون سببا لفرديته وتحقّقه في الواقع ، ويكون واسطة في الإثبات لا في الثبوت ، فلا يلزم من شمول الحكم خبر المفيد ما تقدّم من المحذور ، إذ يكون خبر المفيد ثابتا في الواقع ، مع قطع النظر عن الحكم بوجوب تصديق خبر الشيخ رحمهالله ، فيكون الموضوع وهو (خبر المفيد) ثابتا في الواقع قبل الحكم ، فكيف يلزم تقدّمه على الموضوع؟
هذا غاية ما يمكن أن يقال في شرح كلام المصنّف رحمهالله ، وإن كانت عبارته قاصرة عن إفادة المقصود.
ومنه ظهر الجواب عن الوجه الثاني في الإشكال ، وقد أشار إلى هذا الجواب بقوله :