على كذبه ، إلّا أن يدفع اللغوية بما ذكرنا سابقا ، من أنّ المقصود التنبيه والارشاد على أنّ الفاسق لا ينبغي أن يعتمد عليه ، وأنّه لا يؤمن من كذبه وإن كان المظنون صدقه.
وكيف كان ، فمادّة التبيّن ولفظ الجهالة وظاهر التعليل كلّها آبية من إرادة مجرّد الظنّ.
نعم ، يمكن دعوى صدقه على الاطمئنان الخارج عن التحيّر والتزلزل بحيث لا يعدّ في العرف العمل به تعريضا للوقوع في الندم ، فحينئذ لا يبعد انجبار خبر الفاسق به.
لكن لو قلنا بظهور المنطوق في ذلك كان دالّا على حجّية الظنّ الاطمئنانيّ المذكور وإن لم يكن معه خبر فاسق ، نظرا إلى أنّ الظاهر من الآية أنّ خبر الفاسق وجوده كعدمه ، وأنّه لا بدّ من تبيّن الأمر من الخارج والعمل على ما يقتضيه التبيّن الخارجيّ.
نعم ، ربّما يكون نفس الخبر من الأمارات التي يحصل من مجموعها التبيّن ، فالمقصود
____________________________________
(وكيف كان) سواء كان جعل التبيّن بمعنى تحصيل الظنّ لغوا ، أو لم يكن (فمادة التبيّن ولفظ الجهالة وظاهر التعليل كلّها آبية من ارادة مجرّد الظنّ) لأن الأول ظاهر في تحصيل العلم ، والثاني ظاهر في عدم العلم ، والثالث ظاهر في وجوب تحصيل العلم في خبر الفاسق حتى يؤمن من الوقوع في الندم.
فلا يمكن حمل التبيّن على مجرّد الظنّ ؛ لأنه يكون من حمل اللفظ على خلاف ظاهره من دون قرينة.
(نعم ، يمكن دعوى صدقه على الاطمئنان الخارج عن التحيّر والتزلزل).
أي : يمكن أن يقال : إنّ المراد بالتبيّن ما يعمّ تحصيل الاطمئنان الموجب لزوال التحيّر والتزلزل بحيث لا يكون العمل به عرفا تعريضا للوقوع في الندم ، فيصدق التبيّن على الاطمئنان كما يصدق على العلم.
(فحينئذ لا يبعد انجبار خبر الفاسق به) بمعنى أنّه لو حصل الاطمئنان من الخارج على صدق خبره لكان حجّة ، إلّا أنّه ليس حجّة من جهة كونه خبر الفاسق ، بل الحجّة هو الاطمئنان من أي طريق حصل وإن لم يكن معه خبر فاسق.
فيكون خبر الفاسق كالعدم ، لا يستفاد اعتباره من منطوق الآية ، بل المستفاد هو حجّية مرتبة خاصة من الظنّ وهو الاطمئنان ، فلا يدل منطوق الآية على حجّية خبر الفاسق.
(نعم ، ربّما يكون نفس الخبر من الأمارات التي يحصل من مجموعها التبيّن) ، وربّما