قلت : أوّلا : إنّه ليس في صدر الآية دلالة على أنّ المراد النفر إلى الجهاد ، وذكر الآية في آيات الجهاد لا يدلّ على ذلك.
وثانيا : لو سلّم أنّ المراد النّفر إلى الجهاد ، لكن لا يتعيّن أن يكون النّفر من كلّ قوم طائفة لأجل مجرّد الجهاد ، بل لو كان لمحض الجهاد لم يتعيّن أن ينفر من كلّ قوم طائفة ، فيمكن أن
____________________________________
الغاية هي الجهاد ، فلا ترتبط الآية بالمقام أصلا.
نعم ، قد يترتّب التّفقّه والإنذار على النفر ، فهما ـ حينئذ ـ من قبيل الفوائد غير المقصودة بالذات ، وليسا من قبيل الغاية حتى يجبا بوجوب ذي الغاية ، فلا يكون الإنذار واجبا ليكون القبول والعمل واجبا ، وحينئذ لا ربط للآية بحجّية خبر الواحد أصلا.
(قلت : أوّلا : إنّه ليس في صدر الآية دلالة على أنّ المراد النفر إلى الجهاد). وقد اجاب المصنّف رحمهالله عن الإشكال المذكور بوجوه ، حيث قال :
أولا : ليس في صدر الآية دلالة على أنّ المراد بالنفر هو النفر إلى الجهاد ، بل يمكن أن يكون الأمر بالعكس ، أي : إنّ النفر الثاني وهو (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا)(١) الآية ، يكون قرينة على أنّ المراد بالنفر في صدر الآية هو النفر إلى التفقه ، لا إلى الجهاد ، إذ المراد من النفر الثاني هو النفر إلى التفقه جزما.
قوله : (وذكر الآية في آيات الجهاد لا يدل على ذلك) دفع لما يتوهّم من أنّ ذكر الآية في ضمن آيات الجهاد يدلّ على أنّ المراد بالنفر هو النفر إلى الجهاد ، ودفع هذا التوهّم بما ذكر في المتن من أنّ ذكر الآية في ضمن آيات الجهاد لا يدلّ على كون المراد من النفر هو النفر إلى الجهاد فقط ، إذ نظيره كثير في الكتاب العزيز ، ومنه آية التطهير الواردة في شأن أهل البيت عليهمالسلام ، مع إنّها وقعت في سياق الآيات الواردة في شأن أزواج النبيّ صلىاللهعليهوآله.
(وثانيا : لو سلّم أنّ المراد النّفر إلى الجهاد ، لكن لا يتعيّن أن يكون النّفر من كل قوم طائفة لأجل مجرّد الجهاد).
ولو سلّم أنّ أصل النفر كان لأجل الجهاد ، ولكن النفر بخصوصية أن يكون من كل فرقة وقوم طائفة كان لأجل التفقّه ، وتعلّم الأحكام الشرعية ؛ وذلك لأن الغرض من الجهاد هو
__________________
(١) التوبة : ١٢٢.