يكون التّفقّه غاية لإيجاب النّفر على كلّ طائفة من كلّ قوم ، لا لإيجاب أصل النّفر.
وثالثا : إنّه قد فسّر الآية بأنّ المراد نهي المؤمنين عن نفر جميعهم إلى الجهاد ، كما يظهر من قوله : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً)(١) وأمر بعضهم بأن يتخلّفوا عند النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ولا يخلّوه وحده ، فيتعلّموا مسائل حلالهم وحرامهم حتى ينذروا قومهم النافرين إذا رجعوا إليهم.
____________________________________
الدفع وقمع الأعداء وهذا الغرض لا يتوقف على نفر طائفة من كل فرقة وقبيلة ، بل يحصل بنفر عدة من المسلمين ممّن تمكّنوا من قمع الأعداء ، سواء كانوا من فرقة واحدة أو من فرق مختلفة ، أو من كل فرقة طائفة. بخلاف النفر لأجل التفقّه ، وتعلّم الأحكام الشرعية ، حيث يكون الغرض منه إنذار كل واحد من النافرين قومه ، فيتناسب فيه أن ينفر من كل فرقة طائفة لينذروا قومهم بعد رجوعهم إليهم.
ثمّ إنّ الآية مشتملة على النفرين ، أي : النفر إلى الجهاد وهو أصل النفر ، والنفر إلى تعلّم الأحكام وهو النفر من كل فرقة طائفة ، إذ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان يذهب غالبا مع المجاهدين إلى الجهاد ، فكان أصل النفر معه صلىاللهعليهوآله لأجل الجهاد ، وكان نفر طائفة من كل قوم وفرقة لأجل التفقّه من النبيّ صلىاللهعليهوآله فى الجهاد ، فحينئذ يكون الإنذار غاية للنفر كالجهاد ، فيكون الإنذار واجبا ، وتقدّم أنّ الحذر وهو العمل بقول المنذر ـ ايضا ـ واجب سواء حصل منه العلم أم لا ، وهو المطلوب.
(وثالثا : إنّه قد فسّر الآية بأنّ المراد نهي المؤمنين عن نفر جميعهم إلى الجهاد ، كما يظهر من قوله تعالى : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) وأمر بعضهم بأن يتخلّفوا عند النبي صلىاللهعليهوآله).
وحاصل هذا الجواب يرجع إلى عكس الجواب الثاني ، إذ الواجب على المتعلّم في هذا الجواب هو البقاء عند النبي صلىاللهعليهوآله ، إذ لا يجب على المؤمنين أن يذهبوا إلى الجهاد جميعا ، بل أمر بعضهم بأن ينفر إلى الجهاد ، وبعضهم بأن يتخلّف عند النبي صلىاللهعليهوآله ليتفقّه المتخلفون ويتعلّموا من النبي صلىاللهعليهوآله مسائل الحلال والحرام ، لينذروا قومهم النافرين إذا رجعوا إليهم.
وهذا يكون مبنيا على أن تكون الآية الشريفة في مقام بيان حال النافرين والمتخلفين
__________________
(١) التوبة : ١٢٢.