استدلّ بها بعض المعاصرين قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(١).
بناء على أنّ وجوب السؤال يستلزم وجوب قبول الجواب وإلّا لغى وجوب السؤال ، وإذا وجب قبول الجواب وجب قبول كلّ ما يصحّ أن يسأل عنه ويقع جوابا له. لأن خصوصيّة المسبوقيّة بالسؤال لا دخل فيه قطعا ، فإذا سئل الراوي الذي هو من أهل العلم عمّا سمعه عن الإمام عليهالسلام ، في خصوص الواقعة ، فأجاب بأنّي سمعته يقول : كذا ، وجب القبول بحكم الآية ، فيجب قبول قوله ابتداء : «إنّي سمعت الإمام عليهالسلام يقول كذا» ؛ لأن حجّية قوله هو الذي أوجب السؤال عنه ، لا أنّ وجوب السؤال أوجب قبول قوله ، كما لا يخفى.
____________________________________
(ومن جملة الآيات التي استدل بها بعض المعاصرين) والمراد به صاحب الفصول (قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)) والاستدلال بهذه الآية الشريفة يتّضح بعد بيان امور :
منها : أن يكون المراد من أهل الذكر في الآية مطلق أهل العلم ، الشامل لعلماء أهل الكتاب كما هو ظاهرها بحسب المورد ، والأئمة عليهمالسلام كما في بعض الروايات الواردة في تفسير الآية : إنّ المراد بأهل الذكر هم الأئمة عليهمالسلام ، والرواة والفقهاء ، فأهل الذكر عنوان عام يشمل الجميع ، ويختلف باختلاف الموارد.
ففي مقام إثبات النبوّة الخاصة لنبينا محمد صلىاللهعليهوآله يكون المراد من أهل الذكر علماء اليهود والنصارى.
وفي زمان الأئمة عليهمالسلام بعد النبي صلىاللهعليهوآله يكون المراد منهم الأئمة فيجب السؤال عنهم عليهمالسلام فيما يتعلّق بالأحكام الشرعية.
كما أنّ أهل الذكر في زمان الغيبة هم الرواة بالنسبة إلى الفقهاء ، والفقهاء بالنسبة إلى العوام ، والمعنى في الجميع واحد ، وإنّما الاختلاف في المصاديق بحسب الموارد.
ومنها : أن يكون مورد السؤال أعمّ من الاصول والفروع.
ومنها : أن يكون وجوب السؤال ملازما لوجوب القبول مطلقا تعبّدا.
ومنها : أن يكون حجّية الخبر سببا لوجوب السؤال ، بمعنى أنّ الشارع أوجب السؤال من
__________________
(١) النحل : ٤٣.