وجوب السؤال للعمل بالجواب تعبّدا ، كما يقال في العرف : سل إن كنت جاهلا ، ويؤيّده أنّ الآية واردة في اصول الدين وعلامات النبيّ صلىاللهعليهوآله ، التي لا يؤخذ فيها بالتعبّد إجماعا.
وثالثا : لو سلّم حمله على إرادة وجوب السؤال للتعبّد بالجواب لا لحصول العلم منه ، قلنا : إنّ المراد من أهل العلم ليس مطلق من علم ولو بسماع رواية من الإمام عليهالسلام ، وإلّا لدلّ على حجّيّة قول كلّ عالم بشيء ولو من طريق السمع والبصر ، مع أنّه يصحّ سلب هذا العنوان من مطلق من أحسّ شيئا بسمعه أو بصره.
والمتبادر من وجوب سؤال أهل العلم بناء على إرادة التعبّد بجوابهم هو سؤالهم عمّا هم عالمون به ويعدّون من أهل العلم في مثله. فينحصر مدلول الآية في التقليد ، ولذا تمسّك به جماعة على وجوب التقليد على العامّي.
وبما ذكرنا يندفع ما يتوهّم : من أنّا نفرض الراوي من أهل العلم ، فإذا وجب قبول روايته وجب قبول رواية من ليس من أهل العلم بالإجماع المركّب.
____________________________________
(ويؤيّده) ، أي : يؤيّد كون السؤال ظاهرا في وجوب تحصيل العلم أنّ الآية قد وردت في اصول الدين ، ولا يجوز الاكتفاء بالظنّ فيها ، بل لا بدّ من تحصيل العلم بالبراهين.
(وثالثا : لو سلّم حمله على إرادة وجوب السؤال للتعبّد بالجواب لا لحصول العلم منه ، قلنا : إنّ المراد من أهل العلم ليس مطلق من علم ، ولو بسماع رواية من الإمام عليهالسلام).
أي : لو سلّم أنّ وجوب السؤال يكون للعمل بالجواب تعبّدا ولم يكن العمل به مشروطا بحصول العلم من الجواب لما كانت آية السؤال دليلا على حجّية الأخبار في المقام ، كما هو محلّ الكلام.
وذلك لأن المراد من أهل العلم الذين يجب السؤال عنهم ليس مطلق من علم ، ولو من طريق الحواس الظاهرية حتى تشمل الرواة ، بل المراد بهم من علم بالأدلة بعد إعمال الفكر والاجتهاد بما يستفاد منها ، وأهل العلم بهذا المعنى هم الفقهاء ، فالآية تدل على حجّية الفتوى ، ووجوب التقليد ، لا على وجوب العمل بالخبر وحجّيته بما هو خبر لعارف بألفاظ الإمام عليهالسلام ، لعدم صدق أهل العلم عليه لأن أهل العلم يطلق على من علم بالقوة الناطقة ، ولا يصدق على من علم بالقوة الباصرة السامعة.
(وبما ذكرنا يندفع ما يتوهّم : من أنّا نفرض الراوي من أهل العلم ، فإذا وجب قبول